١٥٩٦ - على أَن الْجَواب السديد فِي ذَلِك، أَن نقُول كل صُورَة " تصور " أَن ينصب صَاحب الشَّرِيعَة فِيهَا علما دَالا على الحكم يتَوَصَّل إِلَيْهِ نصا واستدلالاً، فَيجوز تَقْدِير الْقيَاس أصلا أَو فرعا ن وكل مَوضِع لَا يتَحَقَّق ذَلِك فِيهِ، فَلَا يتَمَسَّك فِيهِ بالأقيسة، فَهَذَا عقد الْبَاب. وَلَيْسَ علينا تَفْصِيله مَعَ من يُنكر أَصله.
١٥٩٧ - ثمَّ نقُول: إِذا قُلْنَا أَن سَبِيل الأقيسة السمعية سَبِيل الأمارات الَّتِي تنصب فلسنا نقُول ذَلِك من تِلْقَاء أَنْفُسنَا. وَلَكِن كل صُورَة دلّت الدّلَالَة القطعية على نصب وصف من الْأَوْصَاف فِيهَا علما على حكم، فنقدره علما. وكل صُورَة قَامَت فِيهَا دلَالَة قَطْعِيَّة سمعية على منع الْعِلَل وَامْتِنَاع نصب الأمارات، فَلَا نقدرها وَلَا نتمسك بهَا.
وَالْجُمْلَة فِي ذَلِك الأقيسة السمعية لَا تدل لأعيانها عقلا، وَإِنَّمَا تدل بِأَن تنصب أَدِلَّة مواضعة وتوقيفاً. فَإِن عَادوا بعد ذَلِك وَقَالُوا: فَمَا الدَّلِيل على انتصابها امارات، حَيْثُ تطردونها.
قُلْنَا: سنذكر ذَلِك بعد فراغنا عَن تتبع شبهكم بِمَا ينقصها ويبطلها إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
(شُبْهَة أُخْرَى لَهُم)
١٥٩٨ - فَإِن قَالُوا: لَو كَانَت الْعِلَل السمعية تدل على الْأَحْكَام، لوَجَبَ أَن تتَعَلَّق بمدلولاتها تعلق الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة بالمدلولات، وَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك، لزم مِنْهُ شَيْئَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute