لم يدل تعلق أمرنَا بالمأمور بِهِ على حسنه، والرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يُرِيد إِلَّا الْحسن وَتعلق أمره بالمأمور بِهِ يَقْتَضِي كَونه مرَادا لَهُ، ثمَّ من حَيْثُ عرفنَا أَنه لَا يُرِيد الْقَبِيح توصلنا إِلَى كَون الْمَأْمُور بِهِ حسنا فَافْهَم ذَلِك من مذاهبهم فَأَما نَحن فَلَا نصير إِلَى أَن الْأَمر بِالْفِعْلِ يَقْتَضِي حسنه وَلَكِن إِن ورد الْأَمر بالثناء لفَاعِله فَيحكم بحسنه لِلْأَمْرِ الثَّانِي.
(٦٦) فصل
[٢٤٨] اعْلَم، أرشدك الله أَن الْأَوَامِر الْمقيدَة باقتضاء الْإِيجَاب لَا يتَعَيَّن امتثالها إِلَّا بِأَمْر الله وَإِذا اتَّصل بِنَا أَمر من صَاحب الشَّرِيعَة أَو من الإِمَام الْقَائِم على النَّاس فامتثالنا لأوامره امْتِثَال لأمر الله تَعَالَى وَالَّذِي يُحَقّق ذَلِك أَن الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِنَّمَا يتَمَيَّز عَن أَمْثَاله وَأَضْرَابه بالمعجزة الدَّالَّة على صدقه فالمعجزة تَتَضَمَّن تَصْدِيقه وَقبُول أنبائه وتحقيقها وَلَيْسَ فِيهَا تضمن وجوب قبُول أوامره. فَيجب أَن نصدقه فِي كل مَا يخبر بِهِ وَالْأَمر الصَّادِر مِنْهُ على الاستبداد لَا يدْخلهُ الصدْق وَالْكذب، وَلَكِن نقل عَن ربه أمرا دلّت المعجزة على صدقه فِي نَقله فدلتك هَذِه الْجُمْلَة على ان الممتثل على الْوُجُوب أَمر الله عز وَجل، وَإِذا أطلق ذَلِك فِي غَيره كَانَ توسعا.
(٦٧) فصل
[٢٤٩] اعْلَم، أَن أَمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قديم على مَذَاهِب أهل الْحق وَمن حكم ثُبُوت الْقدَم اسْتِحَالَة وَصفه بالْحسنِ والقبح، فَإِنَّهُمَا نعتان