(٢١١) بَاب فِي مَا يقبل فِيهِ خبر الْوَاحِد وَفِي مَا لَا يقبل ذَلِك فِيهِ، وَوجه الْخلاف فِيهِ وتبيين الْأَصْلَح
[١١٥٢] اعْلَم، وفقك الله، أَن كل مَا يطْلب الْعلم فِيهِ فَلَا يقبل فِيهِ أخبارالآحاد، فَإِنَّهَا لَا تَقْتَضِي، وَإِنَّمَا يثبت بِدلَالَة قَاطِعَة وجوب الْعَمَل بهَا.
[١١٥٣] فَإِن قيل: فَهَلا قُلْتُمْ: إِن خبر الْوَاحِد يُوجب [الْعلم] من حَيْثُ أَنه يُوجب الْعَمَل، فَإنَّا إِذا علمنَا أَنه يُوجب الْعَمَل فقد أوصلنا إِلَى ضرب من الْعلم.
قُلْنَا: هَذَا خطأ، فَإنَّا لَا نعلم وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد بِعَين خبر الْوَاحِد وَإِنَّمَا نعرفه بِالدّلَالَةِ القاطعة الْمُقْتَضِيَة وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد، فَلم يحصل الْعلم بالْخبر إِذا، وَإِنَّمَا يحصل بِالدَّلِيلِ الدَّال عَلَيْهِ وَهُوَ مَقْطُوع بِهِ، فَاعْلَم ذَلِك، فَخرج لَهُ من هَذِه أَن خبر الْوَاحِد لَا يقبل فِي العقليات واصول العقائد وكل مَا يلْتَمس فِيهِ الْعلم.
[١١٥٤] وَمِمَّا يَنْبَغِي أَن نعلمهُ أَن الْخَبَر قد ينْقل آحادا فَيقطع بكذبه، وَذَلِكَ يتَحَقَّق فِي منَازِل مِنْهَا أَن من نقل شَيْئا استمرت الْعَادة شيوعه وذيوعه لَو كَانَ صدقا حَقًا فَإِذا انْفَرد بِهِ الْوَاحِد لم يُتَابِعه عَلَيْهِ عدد التَّوَاتُر فَهُوَ كذب، وَهُوَ مجوز أَخْبَار الْآحَاد عَن موت خَليفَة أَو فتْنَة عَامَّة استمرت الْعَادة بانتشارها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute