فَإِذا كَانَ كَذَلِك فَمَا وَجه الحكم بِمَا هَذَا طَرِيقه على الْأَرْوَاح / وَسَفك الدِّمَاء وَاسْتِحْلَال الْمُحرمَات.
وأوضحوا ذَلِك بِأَن قَالُوا: قد ثَبت بِاتِّفَاق الْفُقَهَاء أَن الرجل إِذا كَانَ تَحْتَهُ نسْوَة فَوَقَعت على وَاحِدَة مِنْهُنَّ بَائِنَة. والتبس أمرهَا على الزَّوْج فَيجب عَلَيْهِ اجْتِنَاب سائرهن. وَلَا يسوغ لَهُ التَّمَسُّك بغلبات الظنون فِي تَمْيِيز عَن المحللات.
قُلْنَا: بنيتم دليلكم هَذَا على أصل، لَا نساعدكم عَلَيْهِ، فَإنَّا نقُول: من قَاس من الْمُجْتَهدين وبذل جهده، حَتَّى قدر نَفسه غير مقصر، فَلَا يتَصَوَّر أَن يكون قِيَاسه خطأ فِي الْمَطْلُوب بِالْقِيَاسِ على القَوْل بتصويب الْمُجْتَهدين. فَإِن الْمَطْلُوب بِهِ الْعَمَل عِنْد حُصُول غَلَبَة الظَّن، وَقد تحققا جَمِيعًا، فَخرج لَك من ذَلِك أَن الَّذِي اجْتهد، لَا يجوز الْخَطَأ فِي قِيَاسه.
فأحط ذَلِك علما، إِلَى أَن تَأْتِيك أَحْكَام الِاجْتِهَاد.
١٦٠٥ - فَأَما الَّذين قَالُوا: إِن الْمُصِيب وَاحِد، فيجوزون الْخَطَأ فِي قِيَاسه، وَالصَّوَاب كَمَا ألزموه، وَلَيْسَ لَهُم عَن هَذِه الشُّبْهَة محيص متضح.
ثمَّ نقُول مَا ذكرتموه يبطل بأخبار الْآحَاد، إِن كُنْتُم من الْقَائِلين بهَا فَإنَّا نسفك الدِّمَاء ونحكم بهَا فِي كل معضلة، مَعَ استرابتنا فِي النقلَة، وتجويز غلطهم وتعمد كذبهمْ.
وَكَذَلِكَ القَوْل فِي الحكم بِشَهَادَة الشُّهُود مَعَ تَجْوِيز كَونهم " كذبة " شَاهِدين بزور.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute