إِجْمَاعهم فِي حَال اخْتلَافهمْ، فلئن سَاغَ لكم التَّمَسُّك بأدلة الْإِجْمَاع فِي الْعَصْر الثَّانِي، لساغ لنا التَّمَسُّك بالعصر الأول.
وَالْأَخْذ بِالْأولِ أولى من الْأَخْذ بِالثَّانِي.
وَالْوَجْه الثَّالِث من الْجَواب، أَن نقُول: أهل الْعَصْر الثَّانِي بعض الْأمة فِي مَسْأَلَة الِاخْتِلَاف، لما قدمْنَاهُ من أَن الْمذَاهب لَا تسْقط بِمَوْت أَصْحَابهَا. فَنَجْعَل " الْمُخَالفين " فِي الْمَسْأَلَة بِمَنْزِلَة البَاقِينَ. فليسوا إِذا كل الْأمة من هَذَا الْوَجْه.
١٤٥٨ - وَمِمَّا استدلوا بِهِ / وعدوه من عمدهم: أَن قَالُوا: إِذا اخْتلف أهل عصر فِي أول الزَّمَان، ثمَّ اتَّفقُوا على أحد الْمذَاهب، فاتفاقهم يرفع حكم اخْتلَافهمْ. فَلَو كَانَ فِي الِاخْتِلَاف تضمن إِجْمَاع - كَمَا ادعيتموه - لَكَانَ ذَلِك إجماعين متناقضين، فَلَمَّا لم يكن ذَلِك كَذَلِك - وَالْعصر وَاحِد - فَكَذَلِك إِذا اخْتلف العصران.
وَقد تخبط فِي ذَلِك بعض النَّاس، وسلموه، وَلَا يَتَأَتَّى تَسْلِيمه إِلَّا إِذا اشترطنا فِي انْعِقَاد الْإِجْمَاع انْقِرَاض المجمعين، فَنَقُول: لَا يسْتَقرّ إِجْمَاعهم الأول إِلَّا بِأَن ينقرضوا عَلَيْهِ، وَهَذَا بَاطِل، لَا سَبِيل إِلَى الْمصير إِلَيْهِ.
فَإنَّا قد أوضحنا - بِمَا قدمْنَاهُ - أَن اشْتِرَاط [انْقِرَاض] المجمعين، لَا سَبِيل إِلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute