عَلَيْكُم فِي ذَلِك أَن الْحمل على الْمُجْمل الَّذِي ذكرتموه محَال قطعا. وبدور الْمحَال من الرَّسُول محَال سمعا وعقلا. وَلَا تستريبوا فِيمَا هَذَا سَبيله بل اقْطَعُوا بكذب النقلَة حَتَّى تصرحوا بِأَن قَوْله " لَا عمل إِلَّا بنية " خلف على الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قطعا.
وَهَذَا مَا لم يصر إِلَيْهِ صائر. ثمَّ نقُول إِنَّمَا يستتب لكم هَذَا فِي أَخْبَار الْآحَاد وَنقل الْأَفْرَاد. وَقد ثَبت فِي ظواهر الْكتاب والمستفيض من الْأَخْبَار / [١٥ / أ] إِضَافَة النَّفْي وَالْإِثْبَات إِلَى أَعْيَان مَعَ اسْتِحَالَة حملهَا على التَّخْصِيص بالذوات فِي النَّفْي وَالْإِثْبَات، وَلَئِن سَاغَ اتهام الثِّقَات فِي الْآحَاد لَا نحسم هَذَا الْبَاب فِي ظواهر الْكتاب ومستفيض السّنَن فَهَذَا وَجه الرَّد على هَذِه الطَّائِفَة.
[١٣٦] فَأَما وَجه الرَّد على من زعم أَن النَّفْي يعم الْمَنْفِيّ وَحكمه ثمَّ يخصص ذَوَات الْأَفْعَال بدلالات الْعُقُول، فَهُوَ أَن نقُول انطواء اللَّفْظ على الْمَعْنيين المتضادين مُسْتَحِيل وفَاقا. وَالْحمل على نفي الْعين وَنفي حكمهَا محَال فَإِن نفي الحكم جَوَازًا أَو كَمَا لَا يُنبئ عَن ثُبُوت الْفِعْل مَعَ انْتِفَاء الحكم، وَنفي الذوات يُصَرح باستحالة الثُّبُوت. وَالْحمل عَلَيْهِمَا حمل على المتناقضين، فَهَذَا مَا لَا محيص عَنهُ.
[١٣٧] وبمثل هَذِه الطَّرِيقَة نرد على من يزْعم أَن النَّفْي يتَضَمَّن نفي الْجَوَاز والكمال فَإِن نفي الْكَمَال يُنبئ عَن ثُبُوت الْجَوَاز والأجزاء مَعَ انْتِفَاء سمة الْفَضِيلَة. وَنفي الْجَوَاز يُنَافِي ذَلِك. وَهَذَا كَمَا أَنا نقُول نفي سمة الْإِبَاحَة تنَاقض وصف الْوُجُوب. وَيبْطل قَول من قَالَ من نابتة الْفُقَهَاء أَن كل وَاجِب مُبَاح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute