[و] لم يكن الْأَخْذ ببعضهما أولى.
١٤٨٣ - وَهَا نَحن نقرر وُجُوه الِاحْتِمَال، وَقد ذكر القَاضِي رَضِي الله عَنهُ جملَة مِنْهَا، وَنحن نقتصر على مَا يَقع الِاسْتِقْلَال من جُمْلَتهَا فَنَقُول: لَعَلَّهُم سكتوا، مصيراً مِنْهُم إِلَى تصويب كل مُجْتَهد، وذهابا مِنْهُم إِلَى أَن مَا قَالَه، حق فِي حَقه. فَإِذا اعتقدوا ذَلِك، لم يلْزمهُم " الْإِنْكَار " عَلَيْهِ، وَإِن كَانَ ذَلِك رُبمَا لَا يتَحَقَّق فِي حُقُوقهم. وَهَذَا كَمَا أَن عُلَمَاء الْأمة فِي حَال اختيارهم، لَو رَأَوْا مُضْطَرّا يَأْكُل الْميتَة، فَسَكَتُوا على فعله، كَانَ ذَلِك غير دَال على تَجْوِيز أكل الْمَيِّت فِي حق الكافة، مَعَ ثُبُوت الِاخْتِيَار وَانْتِفَاء الِاضْطِرَار، فَهَذَا وَجه.
وَإِن نوزعنا فِي تصويب الْمُجْتَهدين، فسنقرره بأوضح الْوُجُوه، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
١٤٨٤ - وَالْوَجْه الثَّانِي: أَنا إِن قدرناهم غير قائلين بتصويب الْمُجْتَهدين إِجْمَاعًا، لَكَانَ فيهم من لَا يَقُول بذلك، فَيحْتَمل ذَلِك أَنهم مهما سكتوا. فَإِنَّمَا سكتوا لعلمهم بِأَن الْمُصِيب لَا يتَعَيَّن، فجوزوا أَن يكون ذَلِك الْقَائِل، هُوَ الْمُصِيب، وَإِن اعتقدوا أَن الْمُصِيب وَاحِد. فَلَمَّا لم يتَعَيَّن لَهُم ذَلِك، وَلم يُمكنهُم الْإِنْكَار، سكتوا وصمتوا.
١٤٥٨ - وَالْوَجْه الآخر فِي الِاحْتِمَال: أَن يبدر القَوْل من وَاحِد، قد قطع اجْتِهَاده فِيهِ على غَلَبَة الظَّن، فَلَمَّا بَلغهُمْ ترددوا فِيهِ - وَكَانُوا فِي مهلة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute