للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقد ذكر أَصْحَاب مَالك لذَلِك طرقاً من التَّأْوِيل، سنذكرها فِي أثْنَاء الْحجَّاج، ونبين فَسَادهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

١٥١٤ - وَالصَّحِيح من الْمذَاهب: اعْتِبَار إِجْمَاع كَافَّة الْعلمَاء فِي كل عصر، من غير تَخْصِيص بِأَهْل بلد، وَفِي مَا قدمْنَاهُ من الدَّلِيل على أَن مُخَالفَة الْوَاحِد من الْعلمَاء يمْنَع انْعِقَاد الْإِجْمَاع، أوضح الدَّلِيل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة.

وَجُمْلَة مَا " قَالَه " من الْأَدِلَّة على أصل الْإِجْمَاع، تَنْفِي التَّخْصِيص بِأَهْل بلد، وتوجب تعلق الْحجَّة بالأمة قاطبة، فَلَو سَاغَ إِزَالَة ظواهرها، أَو تخصيصها بِبَعْض عُلَمَاء الْأَمْصَار، سَاغَ لبَعض النَّاس / تخصيصها بِالْعشرَةِ المسمين فِي " الْجنَّة " من الصَّحَابَة، أَو سَاغَ تخصيصها بِأَهْل الرضْوَان، أَو بِأَهْل بدر، أَو غَيرهم من الَّذين تخصصوا بضروب من الْفَضَائِل.

١٥١٥ - وَمن الدَّلِيل على بطلَان ذَلِك، أَن نقُول: نَحن نعلم أَن مَالِكًا رَضِي الله عَنهُ، لم يعن بِأَهْل الْمَدِينَة الَّذين ولدُوا فِيهَا، وَإِنَّمَا يَعْنِي الْعلمَاء الَّذين اجْتَمعُوا فِيهَا.

وَالدَّلِيل عَلَيْهِ: أَن مُعظم الْمُهَاجِرين، مَا كَانَ مولدهم بِالْمَدِينَةِ، مَعَ كَونهم من أهل الْإِجْمَاع فَإِذا ثَبت أَنه لم يعْتَبر المولد، وَإِنَّمَا اعْتبر اجْتِمَاعهم مَعَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي الْمَدِينَة، وتلقيهم الْأَحْكَام مِنْهُ، فَنَقُول على ذَلِك: فَإِذا اسْتَأْثر الله برَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي الْمَدِينَة، ثمَّ تفرق النَّاس عَن الْمَدِينَة بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>