الله عَنهُ مَا قَالَ لعلمه بِأَن أهل الْمَدِينَة كَانُوا كل الْعلمَاء فِي الصَّدْر الأول / وَإِنَّمَا قَالَ مَا قَالَه فِي الصَّدْر الأول، دون مَا عداهُ من الْأَعْصَار المتعاقبة.
فَنَقُول: مَالك رَضِي الله عَنهُ أعرف بِالْآيَاتِ ومواقع الْأَخْبَار، من أَن يَقُول ذَلِك، فَإِنَّهُ إِن قَالَه وَرَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بَين أظهر الصَّحَابَة، فَلَا معنى للْإِجْمَاع مَعَ بَقَائِهِ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] .
وَلما اسْتَأْثر الله بِرَسُولِهِ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، تبدد أَصْحَاب رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي الأقطار، لإِظْهَار الدعْوَة وإبداء كلمة الْإِسْلَام، وَكَانَ قد خرج طوائف مِنْهُم فِي زمَان رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي الرسالات وَالْقِيَام على الْأَعْمَال وجباية الْأَمْوَال، فَمَا كَانَت الْمَدِينَة - مذ كَانَت - جَامِعَة لكل الصَّحَابَة.
١٥٢١ - فَإِن قَالَ من أَصْحَاب مَالك قَائِل: إِنَّمَا عَنى مَالك رَضِي الله عَنهُ بِمَا قَالَ: تَرْجِيح قَول أهل الْمَدِينَة على قَول غَيرهم، لقربهم من رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، ومشاهدتهم مُرَاد الْوَحْي، فَكَانُوا أولى بِالْحِفْظِ وَالرِّعَايَة من غَيرهم.