١٥٢٦ - وَاعْلَم أَن ذَلِك يبتني على أصل، سنقرره فِي بَاب التَّقْلِيد إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَهُوَ أَن قَول آحَاد الصَّحَابَة - من كَانُوا لَيْسَ بِحجَّة فَإِن نَفينَا كَونه حجَّة، انْتَفَى التَّرْجِيح أَيْضا.
١٥٢٧ - وَإِن رام هَذَا الْقَائِل بِمَا قَالَه: أَن قَول هَؤُلَاءِ لَا يَقع إِلَّا إِجْمَاعًا، وَلَا يسوغ خلافهم، فقد خرق - بِمَا قَالَه إِجْمَاع الصَّحَابَة، فَإنَّا نعلم أَن أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَا يخالفان فِي كثير من الْأَحْكَام، وَهَذَا مِمَّا نعرفه نقلا متواتراً، وَكَانَا رَضِي الله عَنْهُمَا لَا ينكران تخالفاً، بل كثيرا مَا رجعا عَن مَذْهَبهمَا فَبَطل ادِّعَاء الْإِجْمَاع بِمُجَرَّد مذاهبهم، وسنشرح القَوْل فِي كتاب التَّقْلِيد إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
١٥٢٨ - وَرُبمَا ذهب بعض الْعلمَاء إِلَى أَن مَا انْتَشَر من قَول الْخَلِيفَة وَلم يظْهر عَلَيْهِ نَكِير، فَهُوَ إِجْمَاع، وَمَا انْتَشَر من قَول غَيره فَلَيْسَ بِإِجْمَاع.
١٥٢٩ - وَمِنْهُم من قلب فَقَالَ: مَا انْتَشَر من قَول غَيره من غير نَكِير، فَهُوَ إِجْمَاع وَمَا انْتَشَر من قَول الْخَلِيفَة، وَلم يظْهر عَلَيْهِ نَكِير، فَلَيْسَ بِإِجْمَاع، فَإِنَّهُ رُبمَا يهاب فَلَا يُخَالف.
وَهَذَا كَمَا روى أَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أظهر مذْهبه فِي الْعَوْل فِي الْفَرَائِض، فَقَالَ لَهُ بعض الصَّحَابَة: مَا بالك! لم تبد ذَلِك فِي زمَان عمر؟ فَقَالَ: كَانَ رجلا مهيباً، فهبته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute