عَن الثَّانِي. وَلَو قدر الْأَمر على الضِّدّ لَكَانَ السُّؤَال يتَوَجَّه كَمَا يتَوَجَّه الْآن. فَبَطل من هَذَا الْوَجْه ادِّعَاء النظام كَون التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ مفْسدَة لوُقُوع النَّهْي عَنهُ وَالْأَمر بالتمسك بالنصوص. وَهَذَا مِمَّا لَا محيص عَنهُ على الْوَجْه الَّذِي طردناه.
ثمَّ نقُول: كل مَا ذكرته مَبْنِيّ على أَن النَّهْي عَن الْقيَاس ورد سمعا، وهيهات فَكيف يَسْتَقِيم ذَلِك / وسنوضح الْأَدِلَّة السمعية القاطعة التَّعَبُّد / بِهِ / و " نَبْنِي " بطلَان تعلقهم بجملة الْأَدِلَّة السمعية.
١٥٨٤ - فَإِن قَالَ قَائِل: لَو كَانَ وَجه الصّلاح فِي الْحمل على النُّصُوص مُسَاوِيا لوجه الصّلاح بالتعبد بِالْقِيَاسِ، لَكَانَ الرب تَعَالَى يُخَيّر بَينهمَا. كَمَا خير فِي كثير من الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة، نَحْو الْكَفَّارَات بِبَعْض الْمنَازل وَغَيرهَا.
قُلْنَا: بِمَ تنكرون على من يزْعم أَن الرب سُبْحَانَهُ علم تَسَاوِي وَجه الصّلاح فِي التَّعَلُّق بالنصوص وَالْقِيَاس، وَعلم من ذَلِك أَنه لَو خير بَينهمَا، لفسد عِنْد ذَلِك المكلفون، وَهَذَا مِمَّا لَا يستبعد وُقُوعه فِي الْمَعْلُوم، وَلَا معنى لكَون الشَّيْء لطفاً، إِلَّا أَن يعلم الرب تَعَالَى أَنه لَو وَقع لتعقبته مفْسدَة، ثمَّ إِن وجد التَّخْيِير فِي مورد من موارد الشَّرِيعَة، فَعدم التَّخْيِير أغلب " عَلَيْهَا "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute