وَلَا تتنزل منزلَة الْعِلَل الْعَقْلِيَّة، بل تتنزل منزلَة الْأَدِلَّة، وَمن شَرطهَا ثُبُوت أصل الشَّرِيعَة وَعدم النّسخ قد يثبت دلَالَة عقلية مَشْرُوطَة بِشَرْط. وَلَا يستبعد ذَلِك فِيهَا.
قُلْنَا: هَذَا هذيان لَا تَحْصِيل وَرَاءه. فَإِن الدَّال على حدث الْعَالم إِذا وضح الْوَجْه الَّذِي مِنْهُ يدل، فَلَا يتَصَوَّر وُقُوعه على قَول من قَائِل، وَلَا شرع من شَارِع غير دَال وَلَا يتَصَوَّر نسخ مُوجبه ورفض " مُقْتَضَاهُ " وَلَيْسَ فِيهِ شَرط، إِنَّمَا هُوَ تثبيت فَإِذا ثَبت لم يتَقَدَّر انْتِفَاء مُوجبه، فَمَا يغنيكم التَّمَسُّك بالعبارات فِي كَون الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة مَشْرُوطَة.
١٦٢٠ - وَمِمَّا نتمسك بِهِ أَن نقُول: إِذا قدرتم الشدَّة عِلّة فِي التَّحْرِيم عقلا. فمدارك الْعُقُول تَنْقَسِم إِلَى ضَرُورَة واستدلال. وَلَا نستريب أَنكُمْ لَا تدعون كَون الشدَّة عِلّة ضَرُورَة. وَإِن تجاهلتم فِيهِ قوبلتم بِمثلِهِ. وَإِن ادعيتم ثُبُوته عِلّة اسْتِدْلَالا، فَمَا وَجه كَونه دَلِيلا أَو عِلّة عقلا؟ مَعَ تَجْوِيز الْعقل تَحْرِيم الحلو والشديد والحامض، وَهَذَا مَا لَا سَبِيل إِلَيْهِ وَلَا / يَجدونَ عَنهُ مهرباً.
فَإِن قَالُوا: إِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك، لِأَن الشدَّة لَا نجدها، إِلَّا ويقارنها التَّحْرِيم قُلْنَا: فَلَيْسَ ذَلِك لِلْعَقْلِ، فتنبهوا وَإِنَّمَا هُوَ للشَّرْع، فثبتوا - لَو كَانَ سَبيله الْعقل - لم تبدل وَجه كَونه دَلِيلا أَو عِلّة؟
١٦٢١ - وَمِمَّا نستدل بِهِ أَيْضا، أَن نقُول: أَنْتُم لَا تخلون إِذا ادعيتم،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute