للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ مَعَ ذَلِك لم يُنكر أحد أصل الِاجْتِهَاد، وَإِنَّمَا تكلمُوا فِي تفاصيله.

١٦٣٦ - فَإِن قَالُوا: ألستم قدمتم فِي مسَائِل الْإِجْمَاع، أَن القَوْل الْمُنْتَشِر الَّذِي لم يبد عَلَيْهِ نَكِير، لَا ينزل منزلَة الْإِجْمَاع؟

قُلْنَا: إِن سلكنا طَريقَة بعض أَصْحَابنَا فِي تَنْزِيل ذَلِك منزلَة الْإِجْمَاع فَفِيهِ دفع السُّؤَال. على أَنا وَإِن سلكنا الطَّرِيقَة الْأُخْرَى، فَلَيْسَ فِيمَا ذكرتموه مخلص. وَذَلِكَ أَنا إِنَّمَا نجوز تَقْدِير الصمت وَالسُّكُوت على القَوْل الْمُنْتَشِر إِذا لم يكن فَسَاده وَصِحَّته مَقْطُوعًا بِهِ، فَيحمل صمت الصامتين على وُجُوه ذَكرنَاهَا.

وَأما إِذا كَانَت المسئلة مَقْطُوعًا بهَا، فَلَا يسوغ أَن يظْهر الْوَاحِد خلاف الْحق فِيهَا. ويصمت عَنهُ الْبَاقُونَ وَالْقَوْل بِالِاجْتِهَادِ وَالْكَلَام فِيهِ نفيا وإثباتا من القطعيات.

١٦٣٧ - وَالْجَوَاب الآخر أَن نقُول: مَا ذكرتموه من تمسككم بالطرق الَّتِي أشرتم إِلَيْهَا، لَا تَحْقِيق وَرَاءه وَذَلِكَ أَن نقُول: تِلْكَ الطّرق لَا تَخْلُو إِمَّا أَن تكون قواطع فَإِن ادعيتم أَنَّهَا كَانَت قواطع، فقد خرقتم الْإِجْمَاع. فَإِن الْأمة مجمعة على اسْتِحَالَة اجْتِمَاع أَدِلَّة قَطْعِيَّة على أَحْكَام مُخْتَلفَة فِي حَادِثَة وَاحِدَة.

وَأَنْتُم معاشر نفاة الْقيَاس لَا تَقولُونَ بتصويب الْمُجْتَهدين، والقائلون بتصويب الِاجْتِهَاد إِنَّمَا يَقُولُونَ بِهِ عِنْد غلبات الظنون وفقد أَدِلَّة قَاطِعَة.

فَبَطل أَن يُقَال: كل مَا تمسكوا بِهِ كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ.

١٦٣٨ - وَإِن زَعَمُوا أَن وَاحِدًا من الطّرق الَّتِي تمسكوا بهَا كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ، فقد عَاد بِنَا الْكَلَام إِلَى أَن العاثر عَلَيْهِ لَا يمْنَع مخالفيه عَن اجتهادهم وَلم

<<  <  ج: ص:  >  >>