للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٦٦٢ - مِمَّا لَا بُد من الْإِيمَاء إِلَيْهِ أَن تعلم / أَن / الْعِلَل الْعَقْلِيَّة يشْتَرط فِيهَا الاطراد والانعكاس. بِاتِّفَاق الْعُقَلَاء الْقَائِلين بالعلل. وَالْعلَّة الْعَقْلِيَّة مُوجبَة لمعلولها لذاتها وعينها، وَلَا يتَوَقَّف كَونهَا مُوجبَة لمعلولها بعد تحقق وجودهَا، على جعل جَاعل وَنصب ناصب. وَهِي نَحْو الْعلم، الْمُوجب لمحل كَونه عَالما، وَالْقُدْرَة الْمُوجبَة لما قَامَت بِهِ كَونه قَادِرًا، إِلَى غير ذَلِك.

فَمَا هَذَا سَبيله يلْزم فِيهِ الطَّرْد وَالْعَكْس، فَمن قَامَ بِهِ الْعلم، لزم كَونه عَالما، وَمن لم يقم بِهِ الْعلم، لزم خُرُوجه عَن كَونه عَالما. فَمن صَار إِلَى أَن الأقيسة الشَّرْعِيَّة يشْتَرط فِيهَا الاطراد والانعكاس. فَإِنَّهُ ذهب بهَا مَذْهَب الْعِلَل الْعَقْلِيَّة، وَقد أوضحنا فِي ذَلِك صَدرا من الْكَلَام.

١٦٦٣ - على أَنا نقُول: أَن الْعِلَل السمعية لَا توجب حكما لعينها إِذْ يسوغ فِي الْمَعْقُول تَقْدِير تَعْلِيق ضد حكمهَا عَلَيْهَا، بَدَلا من حكمهَا. وَلَيْسَت بموجبة لذواتها وَلكنهَا انتصبت إِمَارَة فِيمَا نصبت فِيهِ.

فَإِذا نصب ثُبُوت وصف علما فِي ثُبُوت حكم، فَلَيْسَ من شَرط ذَلِك أَن ينصب عَدمه أَيْضا / علما فِي انْتِفَاء الحكم. وَلَكِن " من " شَرط كَونه علما لَا يتَحَقَّق إِلَّا وَيثبت الحكم.

وَالَّذِي يُحَقّق ذَلِك، إِنَّا بعد مَا حققنا أَن الْعِلَل السمعية، لَا توجب أحكاما لذواتها، وَبينا مفارقتها للعلل، فقد تبين أَنَّهَا بمضاضاة الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة أولى، إِن لم يكن بُد من التَّشْبِيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>