للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خَفِي، لَا يتَضَمَّن الْعلم، لَا ظَاهرا وَلَا بَاطِنا.

وَالَّذين قسموا الأقيسة ثَلَاثَة أَقسَام، جعلُوا الْجَلِيّ مَا ثبتَتْ " علته " نصا وفسروا الْوَاضِح والخفي بِنَحْوِ مَا فسرنا الْجَلِيّ والخفي آنِفا. فَهَذِهِ مَذَاهِب الْقَوْم.

١٦٧٣ - قَالَ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ: وَالَّذِي نختاره، مَعَ مَا علمْتُم من أصلنَا فِي القَوْل بتصويب الْمُجْتَهدين، أَن نقُول: كل قِيَاس ثبتَتْ علته نصا وتحققت طَريقَة تُفْضِي إِلَى الْقطع فِي تعْيين الْعلَّة فَمَا هَذَا سَبيله، فَهُوَ يودي التَّمَسُّك بِهِ إِلَى الْعلم وَالْقطع. وَتخرج الْمَسْأَلَة من حيّز الِاجْتِهَاد.

فَأَما إِذا لم يكن مَعنا طَرِيق يُفْضِي إِلَى الْقطع وَالْعلم، لتعيين عِلّة الْقيَاس، وَكَانَ الْفَزع إِلَى غلبات الظنون، فمهما حصلت غَلَبَة الظَّن للمجتهد بِمَا يستنبط من الْقيَاس، فَحكم الله الْأَخْذ بِمَا غلب عَلَيْهِ الظَّن قطعا. فَلَا يتَحَقَّق مَعَ هَذَا الأَصْل تَقْسِيم الْقيَاس إِلَى الْجَلِيّ والخفي قطعا على مَا قَالَه المتقدمون من الْقَائِلين بِأَن الْمُصِيب وَاحِد.

وَذَلِكَ أَن وَاحِدًا من " القياسين " لَا يُفْضِي إِلَى الْعلم، فَإِذا لم يتَحَقَّق الْعلم فِي وَاحِد مِنْهُمَا، لم يَتَقَرَّر تباينهما. وَمَا ذَكرُوهُ من أَن الْعلم فِي الْقيَاس الْجَلِيّ يحصل ظَاهرا بعلة الأَصْل فَهُوَ وَاضح الْفساد، فَإِن الْعلم إِذا تحقق

<<  <  ج: ص:  >  >>