للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المجملات الَّتِي لَا يجوز التَّمَسُّك بهَا. فَإِذا لم يكن من التَّمَسُّك بهَا بُد فيستحيل أَن يُقَال: أَنَّهَا تحمل على " وُجُوه " التَّجَوُّز فَتعين إجراؤها على ظواهرها.

١٦٩٩ - فَلَو قَالَ قَائِل: فَإِذا تمسكتم بِشَيْء مِمَّا ذكرتموه فِي إِثْبَات عِلّة الأَصْل فَزعم الْخصم أَنِّي أزيل مَا تمسكتم بِهِ، بِدلَالَة قِيَاس فَهَل تجوزون ذَلِك؟

قَالَ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ: هَيْهَات أَن نجوز ذَلِك! فَإِن الَّذِي يزِيل الظَّاهِر بِالْقِيَاسِ مطَالب بتصحيح عِلّة أصل قِيَاسه وَأقوى مَا يسْتَدلّ بِهِ المتمسك بِالْقِيَاسِ فِي إِثْبَات عِلّة أَصله ظَاهر مَا ذكرنَا، ثمَّ لَا نسلم اعتلاله عَن مثل مَا ألزمهُ.

فَيُقَال لَهُ: بِمَ تنكرون على من يزْعم أَن مَا استدللت بِهِ فِي تثبيت عِلّة أصلك هُوَ إِزَالَة الظَّاهِر، بِالْقِيَاسِ الَّذِي اعترضت عَلَيْهِ؟

فانحسم هَذَا الْبَاب وَتعين إِجْرَاء الظَّوَاهِر فِي إِثْبَات علل الْأُصُول مَعَ مقتضياتها وَلَا يقْدَح فِيهَا بالأقيسة الَّتِي لم تثبت عللها قطعا. فأحط بذلك علما فَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ، أقوى الطّرق فِي إِثْبَات علل الْأُصُول.

١٧٠٠ - وَألْحق مُعظم الْأُصُولِيِّينَ بذلك أَن يجمع القائسون على تعْيين عِلّة فِي الأَصْل فَجعلُوا إِجْمَاعهم دلَالَة على ثُبُوت عِلّة الأَصْل.

قَالَ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ وَهَذَا لَا يَصح عندنَا. فَإِن القائسين لَيْسُوا كل الْأمة وَلَا تقوم الْحجَّة بقَوْلهمْ. ثمَّ ردد القَاضِي جَوَابه فِي أثْنَاء الْكَلَام فَقَالَ: لَو جعلنَا إِجْمَاع القائسين إِمَارَة تبين غَلَبَة الظَّن فِي المقاييس كَانَ مُحْتملا وَإِن لم نقل أَنه يُفْضِي إِلَى الْقطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>