الأَصْل، وَلَيْسَ كَذَلِك لمصير أهل النّظر إِلَى وفَاق الْخصم آيَة فِي صِحَة ثُبُوت الحكم فِي الأَصْل. إِذْ قدمنَا، أَن إِجْمَاع القائسين بأسرها حجَّة فِيهِ، فَمَا الظَّن بموافقة خصم لخصم!
وَلَكِن لأهل النّظر " تواضع " بَين أظهرهم، يتبعونه لأغراض لَهُم. فكأنهم عِنْد الإتفاق على حكم الأَصْل، علمُوا ثُبُوت حكمه بِدلَالَة، سوى اتِّفَاقهم. وَلم يتناقشوا. إِذْ لم يقصدوها بالْكلَام.
١٧١٤ - ثمَّ اعْلَم أَن عِلّة الأَصْل لَا بُد من تقديرها فِي نَفسهَا أَولا. حَتَّى إِذا قدرت أُقِيمَت الدّلَالَة على كَونهَا عِلّة. ثمَّ عِلّة الأَصْل قد تكون " مدركة " بِالضَّرُورَةِ مثل أَن تنصب حلاوة الشَّيْء أَو شدته أَو مرارته عللا فِي الْأَحْكَام وَقد تكون عِلّة الأَصْل حكما من الْأَحْكَام، ثَابِتَة بأدلة السّمع. وَذَلِكَ نَحْو اعْتِبَار الْأكل عَامِدًا فِي صِيَام رَمَضَان، بِالْجِمَاعِ. وَالْجَامِع بَينهمَا يقدر الْعلَّة فِي الأَصْل كَونه إبطالا بِمَعْصِيَة، وَذَلِكَ حكم.
وَقد تثبت عِلّة الأَصْل بغلبات الظنون. فَلَيْسَ من شَرط ثُبُوت / عِلّة الأَصْل الْقطع، كَمَا لَيْسَ من شَرط ثُبُوت كَونهَا عِلّة، الْقطع.
فَلَو قدر القائس فِي أصل حكما، وَنصب عِلّة مَا تُفْضِي إِلَى غَلَبَة الظَّن فِي مجْرى الْعَادة، ثمَّ قدر ذَلِك الَّذِي غلب على ظَنّه عِلّة فِي حكم وُرُود عَلَيْهَا غَيرهَا. فيسوغ لَهُ ذَلِك كَمَا يسوغ ذَلِك فِي حكم الأَصْل. فَإِنَّهُ لَو نوزع فِي حكم الأَصْل، فثبته، ثمَّ قَاس عَلَيْهِ كَانَ سديدا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute