للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٤٥ - وَذهب بعض أَصْحَاب أبي حنيفَة إِلَى منع ذَلِك. وشرطوا فِي صِحَة الْعلَّة تعديتها وَمِثَال صُورَة الْخلاف. تَعْلِيل الرِّبَا فِي الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم فِي كَونهمَا ثمنين. فَهَذَا صَحِيح، مَعَ أَن الْعلَّة لَا تعدوهما. وأبطل أَصْحَاب أبي حنيفَة رَحِمهم الله ذَلِك.

١٧٤٦ - وَالدَّلِيل على تجويزه أَن نقُول: قد أوضحنا فِيمَا قدمنَا أَن الْعِلَل السمعية تحل مَحل الأمارات وَلَا اسْتِيعَاب فِي نصب الأمارات أَن نصبت فِي الشَّيْء: امارة تتخصص بِهِ وَلَا تعدوه. فَإِن نصب الأمارة يَنْقَسِم فَرُبمَا ينصب الناصب أَمارَة فِي أَشْيَاء، وَرُبمَا ينصبها فِي شَيْء وَاحِد، وَالَّذِي يُوضح ذَلِك ويكشف الْحق فِيهِ، أَن نقُول: إِذا طردت عِلّة فِي مسَائِل فَهِيَ لَا تعدو تِلْكَ الْمسَائِل، كَمَا أَن الْعلَّة، لم تعد الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم. فَمَا من عِلّة يتَمَسَّك بهَا، إِلَّا وَهِي مُخْتَصَّة من وَجه، غير متعدية.

١٧٤٧ - ومعول الْقَوْم فِي الْمَسْأَلَة على نُكْتَة وَاحِدَة. أَنهم قَالُوا: إِذا ثَبت الرِّبَا فِي الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم نصا. فَلَا فَائِدَة فِي تعليلها. فَإِن الْعلَّة إِنَّمَا تطلب لتفيد مَا لم يفده النَّص، فَإِذا اسْتَقل النَّص بِإِثْبَات حكم، فَلَا يبْقى لِلْعِلَّةِ الْمُطَابقَة لَهُ فَائِدَة.

قيل لَهُم: هَذَا الَّذِي ذكرتموه نِهَايَة الْمحَال. فَإِن مُطَابقَة الْعلَّة النَّص يقويها وَلَا يضعفها، إِذْ لَو كَانَ فِي مَسْأَلَة نَص. فاطرد فِيهَا قِيَاس لم يكن النَّص مُبْطلًا للْقِيَاس بل كَانَ عاضدا لَهُ. وَكَذَلِكَ سَبِيل كل دَلِيلين، يَجْتَمِعَانِ فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>