فَيَقُول: الْمُعْتَرض: الْوضُوء تقرر فِي الشَّرْع قبل التَّيَمُّم. فَلَو كَانَ التَّيَمُّم بِمَا فِيهِ من الْأَوْصَاف، عِلّة الْوضُوء لما تَأَخَّرت الْعلَّة عَن معلولاتها، وَهَذَا ضرب من الهذيان. فَإِن الْعِلَل السمعية لَا توجب الحكم لذواتها ليراعي ذَلِك فِيهَا، بل إِنَّمَا تنتصب أَدِلَّة إِذا نصبت وَهَذَا مِمَّا يسوغ فِيهَا تَقْدِير التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير.
فَإِن قَالَ السَّائِل فبماذا كَانَ كل يعرف وجوب النِّيَّة فِي الْوضُوء، قبل شرع التيمم؟ قُلْنَا هَذَا تَكْلِيف شطط من الْمسَائِل، إِذْ لَيْسَ على المسؤول إِلَّا إِقَامَة الدّلَالَة فِي الْحَالة، والتعدي للأزمان السالفة حيد عَن حد النّظر.
وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَن المعجزات تدل على صدق الرُّسُل قطعا، ثمَّ يسوغ تَقْدِير آيَات حَادِثَة، فتدل على الصدْق، وَإِن لم يكن قبل ذَلِك فوضح فَسَاد مَا قَالُوهُ من كل وَجه.