الوسائط يُوصل إِلَى الْعلم إِلَّا الِاضْطِرَار، فَلَو خَاطب الرب تَعَالَى عَبده من غير توَسط مبلغ وَرَسُول.
[١٨١] فَأَما الْوَجْه الثَّانِي من الْخطاب فَهُوَ الَّذِي يتَّصل بالمخاطبين من جِهَة الرُّسُل المبلغين، فَمَا هَذَا سَبيله تترتب مَعْرفَته على الْعلم بِصدق الْمُرْسل أَولا وَوُجُوب عصمته عَن الْخلف فِي التَّبْلِيغ. وَإِنَّمَا يتَبَيَّن ذَلِك بالمعجزات فَإِذا استيقن الْمُكَلف صدق [الْمبلغ] فِيمَا بلغه.
[١٨٢] ثمَّ صِيغ الْكَلَام تَنْقَسِم إِلَى نُصُوص ومحتملات. فَأَما النُّصُوص على مَذْهَبنَا لم يُتَابع عَلَيْهِ ... فتستقل بأنفسها فِي إثارة الْمعَانِي ... أَمر لذاته ... فِي دَرك المُرَاد مِنْهَا حَتَّى تقترن بهَا قرينَة من حَال أَو مقَال تَقْتَضِي تَحْقِيق المُرَاد بهَا، على مَا ستأتيك الْقَرَائِن ومنازلها فِي أَبْوَاب الْعُمُوم وَالْخُصُوص وأبواب الْأَوَامِر والنواهي. فَهَذَا وَجه انقسام معرفَة خطاب الله تَعَالَى.
[١٨٣] فَأَما معرفَة خطاب رَسُوله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فينقسم أَيْضا إِلَى شفَاه ووجاه وَإِلَى مَا يبلغ عَنهُ. فَأَما مَا خَاطب بِهِ من عاصره وجاها فَمِنْهُ مَا كَانَ نصا علم المخاطبون مَعْنَاهُ وفحواه قطعا. وَمِنْهَا مَا كَانَ مُحْتملا فِي نَفسه، ووضح لديهم مَعْنَاهُ بقرائن الْحَال. وَمِنْه مَا بَقِي على الِاحْتِمَال وَلم [يتَّفق] فِيهِ استفصال وَهَذَا الْقَبِيل يتَعَلَّق بالوعد والوعيد وأنباء الْآخِرَة، فَإِنَّهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute