هِيَ الْقَرَائِن الدَّالَّة على خلاف الْإِلْزَام والإيجاب نَحْو مَا يدل على الْإِبَاحَة وَالنَّدْب أَو اقْتِضَاء التهديد. وَقد تحقق انْتِفَاء هَذِه الْقَرَائِن فِي حق الهاذي. فَهَذَا لَو زَعَمُوا أَن هَذِه الصِّيغَة تكون أمرا لَا على جِهَة التَّوَاضُع والاصطلاح.
[١٩٩] فَإِن قَالُوا: إِنَّهَا أَمر تواضعا وَلَيْسَ ينْصَرف وصفهَا بِكَوْنِهَا أمرا إِلَى نَفسهَا وجنسها. وَلَكِن اصْطلحَ أَرْبَاب اللُّغَات على تثبيت هَذَا الْوَصْف لَهَا عِنْد تعريها عَن الْمَوَانِع والدوافع. وَجُمْلَة الْقَرَائِن المنافية لاقْتِضَاء الْإِلْزَام وَهَذَا مَا يعول عَلَيْهِ من ينتمي إِلَى التَّحْقِيق من هَذِه الفئة.
فَنَقُول: إِذا زعمتم أَن أهل اللُّغَة اصْطَلحُوا على تَسْمِيَة هَذِه الصِّيغَة أمرا وإلزاما وإيجابا عِنْد فقد قَرَائِن الْإِبَاحَة وَالنَّدْب والوعيد فَبِمَ تنكرون على من [٢١ / ب] يعكس عَلَيْكُم / دعواكم. وَيَقُول لَا بل وضعوها للاذن وَالْإِطْلَاق وَالْإِبَاحَة عِنْد تجردها عَن قَرَائِن الْإِلْزَام وَالنَّدْب والوعيد. فتتقابل الدعوتان وتتساقطان على مَا سنوضحه فِي بَاب الْوَقْف إِن شَاءَ الله عز وَجل.
[٢٠٠] ثمَّ يَتَّضِح ذَلِك بِمَا عَلَيْهِ الْمعول فِي إِثْبَات اللُّغَات ونفيها فَنَقُول: معاشر الْمُخَالفين! إِلَى مَا تسندون علمكُم بِمَا ادعيتموه فَإِن أسندتموه إِلَى اضطرار انتسبتم إِلَى التَّصْرِيح بالعناد. وَأول مَا يلزمكم عَلَيْهِ أَن تقابلوا دعواكم فِي ضد مقصودها فتتقابل دعوتا الِاضْطِرَار وتتساقطان. وَإِن أَنْتُم أسندتم علمكُم إِلَى دلَالَة عقلية فقد أخطاتم مقصدكم، فَإِن الْعُقُول لَا يتَوَصَّل بهَا إِلَى مجاري اللُّغَات، وَتَخْصِيص الْأَسَامِي بالمسميات. وَإِن أَنْتُم أسندتم علمكُم إِلَى سَماع وَهُوَ مَا يتلَقَّى مِنْهُ اللُّغَات فَلَا تخلون إِمَّا أَن تزعموا: أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute