[٢١١] ونشأت مسئلة فِي هَذِه الْقَاعِدَة. وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا [لَو] أَرَادَ الله عز وَجل فعل شَيْء ووردت فِيهِ صِيغَة الْأَمر لم يكن ذَلِك إِلَّا اقْتِضَاء تَكْلِيف.
فَقيل لَهُم: فَمَا قَوْلكُم معاشر الْمُعْتَزلَة هَل يُرِيد الرب تَعَالَى دُخُول أهل الْجنان الْجنان. فَإِذا قَالُوا: أجل قيل لَهُم: فقد ورد فِي ذَلِك مَعَ إِرَادَته مَا هُوَ صِيغَة الْأَمر وَذَلِكَ قَوْله: {ادخلوها بِسَلام آمِنين} فاضطربت الْقَدَرِيَّة غَايَة الِاضْطِرَاب عِنْد هَذَا الْإِلْزَام. فَذهب الْجُمْهُور مِنْهُم إِلَى أَنه تَعَالَى غير مُرِيد لدُخُول أهل الْجنَّة الْجنَّة وَهُوَ إفصاح لكشف القناع، وَإِنَّمَا ألجأهم إِلَى ذَلِك مَا قدمْنَاهُ من السُّؤَال الْمُتَرَتب على فَسَاد أصلهم. وَزعم ابْن الجبائي أَنه مُرِيد لدُخُول أهل الْجنان الْجنان وَهُوَ آمُر لَهُم بِالدُّخُولِ تَحْقِيقا، ثمَّ قرر ذَلِك من أصل لَهُم فَقَالَ إِدْخَال أهل الْجنَّة الْجنَّة إثابة، وَترك ذَلِك ظلم فَيلْزم تعلق الْإِرَادَة بِمَا لَو قدر تَركه لَكَانَ ظلما، فَقيل لَهُ: فَأهل الْجنان إِذا مكلفون مخاطبون وَإِذا ثَبت التَّكْلِيف تبعه توابعه من ترقب الثَّوَاب وَالْعِقَاب وَتحقّق الْوَعْد والوعيد فَيلْزم من مَضْمُون ذَلِك أَن يثبت الِابْتِلَاء والتكليف والامتحان [٢٣ / أ] فِي الدَّار الْآخِرَة كَمَا ثَبت فِي دارالدنيا ثمَّ مَا / ألزمناهم فِي دُخُول الْجنان يلْزمهُم مثله فِي التَّمَتُّع بنعيمها فَإِن الرب تَعَالَى قَالَ: {كلوا وتمتعوا} فِي الإنباء عَن تمتعهم بنعيم الْجنان.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute