للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْإِلْزَام فَمَا دليلكم عَلَيْهِ؟

قُلْنَا: الَّذِي يدل على ذَلِك اتِّفَاق الْأمة قاطبة على أَن الْمَنْدُوب طَاعَة وَأَن النَّوَافِل وَسَائِر التطوعات تتصف بِكَوْنِهَا طاعات فَلَا تَخْلُو إِمَّا تصير طَاعَة لنفوسها وأجناسها، وَذَلِكَ مُسْتَحِيل، فَإِن أَمْثَالهَا قد تقع غير طَاعَة قبل وُرُود الشَّرَائِع وَبعد وُرُودهَا عِنْد اختلال بعض الشُّرُوط، وإيضاح ذَلِك بَين لَا يحوجك إِلَى الإطناب. وَإِمَّا أَن تصير طَاعَة لحدوثها ووجودها وَذَلِكَ بَاطِل بِمَا يبطل بِهِ الْقسم الأول. وَإِمَّا أَن تكون طَاعَة لكَونهَا مُرَادة للمطاع وَهَذَا بَاطِل أَيْضا بِمَا ثَبت من أصل أهل الْحق أَن الْمُحرمَات مُرَادة للرب سُبْحَانَهُ وَأَن إرداته الْقَدِيمَة تتَعَلَّق بحدوث الْمَحْظُورَات والمباحات تعلقهَا بالطاعات. وَهَذَا مِمَّا يستقصى فِي أصُول الديانَات، فَبَطل تلقي كَونهَا طَاعَة من كَونهَا مُرَادة. وَإِمَّا أَن تصير طَاعَة لضمان الثَّوَاب ووعده عَلَيْهَا. وَذَلِكَ بَاطِل لِأَنَّهُ قد تقرر من أصل أهل الْحق جَوَاز ثُبُوت الطَّاعَات من الْوَاجِبَات والتطوعات دون وعد الثَّوَاب عَلَيْهَا، فَإِن الثَّوَاب من الرب تَعَالَى فضل وَالْعِقَاب عدل، فَلَا يَتَّصِف وَاحِد مِنْهُمَا بالتحتم وَالْوُجُوب عِنْد تحقق الطَّاعَات أَو عِنْد تحقق تَركهَا، وَالَّذِي يُوضح ذَلِك من أصُول الْخصم أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>