قيل: نَحن وَإِن سوغنا تَكْلِيف الْمحَال فَلَا يجوز ذَلِك. واستقصاء الْفَصْل بَينهمَا يتَعَلَّق بالديانات، بيد أَنا نبدي مِنْهُ مَا فِيهِ غشاء فَنَقُول: لَو قدر الْأَمر مُتَعَلقا بِجمع الضدين كَانَ الْمَقْصد مِنْهُ تعجيز الْمَأْمُور وَتَحْقِيق إِلْمَام الْعقَاب بِهِ على مَا سنوضحه فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله عز وَجل، وَلم يتَحَقَّق فِي / ذَلِك اسْتِحَالَة الشَّرْط، وَهَذَا يتَبَيَّن لكل متأمل. [٣٣ / ب]
[٢٨٦] وَمن أَصْحَابنَا الْقَائِلين بتكليف مَا لَا يُطَاق من جوز تَعْلِيق الْمَأْمُور بِهِ بِشَرْط مُسْتَحِيل كَمَا يجوز تعلق الْأَمر بِنَفس المستحيل.
[٢٨٧] وَمَا ارْتَضَاهُ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ ذَلِك الَّذِي قدمْنَاهُ أَولا، وَهُوَ الْأَصَح، وَوجه التَّحْقِيق فِيهِ أَن الْأَمر هُوَ اقْتِضَاء الطَّاعَة على الْجُمْلَة، فَإِن تعلق بممكن مَقْدُور أنبأ عَن اقتضائه، وَإِن تعلق بمحال فالصيغة تَقْتَضِي اقتضاءه مَعَ استحالته على الْمنْهَج الَّذِي سنقرره إِن شَاءَ الله عز وَجل.
[٢٨٨] فَأَما إِذا كَانَ الشَّرْط الَّذِي يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْأَمر فِي تقرره مستحيلا فيؤول الانتفاء وَعدم التَّعَذُّر إِلَى نفس الْأَمر، فَإِذا قَالَ الْقَائِل لمخاطبه: إِن تحرّك زيد فِي حَال سكونه فَقُمْ، فتقدير الْخطاب أَن ذَلِك لَا يكون فَلَا تقم فيؤول الانتفاء إِلَى نفس الْأَمر ويسلبه سمة الِاقْتِضَاء وَهَذَا بَين إِن شَاءَ الله عز وَجل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute