اللَّفْظ الَّذِي يَقْتَضِي عُمُوما، إِن قُلْنَا بِالْعُمُومِ، وَإِن كُنَّا لَا نجوز تَأْخِير الِاسْتِثْنَاء فِي كلامنا عَن الْمُسْتَثْنى.
[٢٩٨] وَقد اسْتدلَّ القَاضِي فِيمَا ذَكرْنَاهُ عَنهُ أَولا بِأَن قَالَ: كل أَمر من الْأَوَامِر الْمُتَّصِلَة بِنَا لَو قدر مُجَردا اقْتضى امتثالا، فَتقدم الْأَوَامِر عَلَيْهِ وتأخرها عَنهُ لَا يُوجب تَغْيِيره عَن مُقْتَضَاهُ إِذا ارْتَفَعت الْقَرَائِن الَّتِي نوعناها.
[٢٩٩] وَالْجُمْلَة فِي ذَلِك أَن يقدر فِي كل أَمر مُقْتَضَاهُ وَلَا ينظر إِلَى مَا سواهُ فَيحصل من مضمونها امتثالات مُتعَدِّدَة وطاعات متجددة.
[٣٠٠] ثمَّ وَجه على نَفسه سؤالا، وانفصل عَنهُ، وَقَالَ: ألستم قُلْتُمْ بِالْوَقْفِ فِي الصِّيغَة الْمُطلقَة وَهِي قَول الْقَائِل: ((افْعَل)) ، وصرتم فِي تثبيت ذَلِك إِلَى انقسام الْمَوَارِد وَهَذَا الْمَعْنى مُتَحَقق فِي الْأَوَامِر المتكررة فَإِن مواردها فِي التَّأْكِيد والتكرار تَنْقَسِم، وَلَئِن سَاغَ أَن يُقَال: إِنَّمَا يحمل على التَّأْكِيد لقَرِينَة، سَاغَ أَن يُقَال إِنَّمَا يحمل على التّكْرَار لقَرِينَة، فَالَّذِي دلّ عنْدكُمْ على الْوَقْف فِي كل مَا تتوقفون فِيهِ يدل عَلَيْهِ فِي التّكْرَار والتأكيد، ثمَّ تفصى عَن ذَلِك وَقَالَ: الصِّيغَة الَّتِي ذكرتموها فِي نَفسهَا مُحْتَملَة فتوقف فِي مَعْنَاهُ. وَهَذِه المسئلة مَفْرُوضَة فِيهِ إِذا كَانَ كل أَمر من الْأَوَامِر وَصِيغَة من الصِّيَغ مُسْتقِلّا بِنَفسِهِ فِي إثارة ندب أَو إِيجَاب فَلَا احْتِمَال فِي كل أَمر، والأوامر السَّابِقَة لَهُ والمتأخرة عَنهُ لَا توجب تغير مُقْتَضَاهُ، فانفصلا من هَذَا الْوَجْه، فَهَذَا نِهَايَة كَلَامه وقصاراه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute