قيل لَهُم: هَذَا الَّذِي ذكرتموه بَاطِل من أوجه: أَحدهَا: أَن من لزمَه إِعْتَاق رَقَبَة فَلَا يُطلق بِوُجُوب إِعْتَاق الرّقاب عَلَيْهِ ثمَّ يلْزم فِي ذَلِك من اللّبْس مَا ألزمتموه. ثمَّ نقُول ألستم تَقولُونَ: إِنَّه يَعْصِي بترك وَاحِد لَو ترك كلهَا مَعَ تساويها فِي كل الصِّفَات وَلَا يتَعَيَّن مَا يَعْصِي بِتَرْكِهِ. فقولنا فِي الْإِقْدَام كقولكم فِي التّرْك، وأفرض عَلَيْهِم الْكَلَام فِي خِصَال مُتَسَاوِيَة فِي الْمصَالح وكل الصِّفَات فَإِنَّهَا إِذا اخْتلف فَرُبمَا يَزْعمُونَ أَنه إِذا تَركهَا عصى بترك أدونها ثمَّ نقُول إِنَّمَا يَسْتَحِيل التَّكْلِيف لَو طلب من الْمُكَلف خصْلَة من خِصَال وَلم يُفَوض إِلَى خيرته وَلم يعين لَهُ، فَأَما إِذا فوض إِلَى اخْتِيَاره فَلَا اسْتِحَالَة فِيهِ وَهَذَا بَين لكل ذِي تَأمل.
[٣٧٠] وَالَّذِي عول عَلَيْهِ أَبُو هَاشم أَن قَالَ: إِنَّمَا يثبت وجوب الشَّيْء لكَونه على صفة تَقْتَضِي لَهُ نعت الْوُجُوب، وَإِذا تعلق التَّخْيِير بأَشْيَاء فَكل وَاحِد مِنْهَا على الصّفة الَّتِي تَقْتَضِي لَهُ نعت الْوُجُوب، فَلَو نَفينَا سمة الْوُجُوب عَن كل وَاحِدَة مِنْهَا مَعَ كَونهَا على الصّفة الَّتِي تَقْتَضِي لَهَا نعت الْوُجُوب لزم نفي الْوُجُوب عَن سائرها.
فَيُقَال لَهُم: هَذَا الَّذِي ذكرتموه بِنَاء مِنْكُم على فَاسد أصلكم فِي صرف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute