من أحد أَمريْن: إِمَّا أَن يقدر مَعَ تَقْدِير ارْتِفَاع الْمَوَانِع، وَإِمَّا أَن يقدر مَعَ بَقَائِهَا فَإِن قيد تعلق التَّكْلِيف بهم مَعَ انْتِفَاء الْمَوَانِع من الْعقل فَهَذَا مِمَّا يتَّفق عَلَيْهِ وَهُوَ تَكْلِيف عَاقل على التَّحْقِيق. وَإِن قدر تعلق التَّكْلِيف بهم مَعَ بَقَاء الْمَوَانِع كَانَ مستحيلا. وَذَلِكَ لِأَن الْعلم بالمكلف مُقَدّمَة تقرر التَّكْلِيف فَلَا تقرر [٤ / ب] للتكليف / [قبل الْعلم بِهِ ... ] وَالَّذِي يُوضح الْحق فِي ذَلِك أَن الْعلم بالنبوات لما [كَانَ متوقفا على الْعلم با] لصانع لم يتَقَدَّر ثُبُوته دون تَقْدِيم الْعلم بالصانع. وكل مَا ذَكرْنَاهُ مُسْتَند إِلَى أصل. وَهُوَ إِحَالَة القَوْل بتكليف الْمحَال وَشرط قيام الْمُكَلف بامتثال أَمر الْمُكَلف تصور الْقَصْد مِنْهُ إِلَى مَا كلف.
فَإِذا كلف الْقَصْد فِي حَالَة لَا يتَصَوَّر مِنْهُ الْقَصْد مَعَ تَقْدِير اسْتِبْقَاء الْمَوَانِع كَانَ عين تَكْلِيف الْمحَال. وبهذه الطَّرِيقَة اسْتَحَالَ تَكْلِيف الْبَهَائِم وَالَّذين لَا يميزون من الْأَطْفَال.
[٤٢] فَإِن قَالَ قيل: أَلَيْسَ الرب تَعَالَى خَاطب السكارى بقوله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ} .
وَهَذَا من أقوى مَا يعتصمون بِهِ. وَقد أَكثر الْمُحَقِّقُونَ فِي تَأْوِيل الْآيَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute