الِاسْتِقْبَال أيدوم عَلَيْك الْوُجُوب فطريق جَوَابه أَن تَقول: إِن بقيت دَامَ عَليّ الْوُجُوب وَإِن اخترمت انْقَطع عني الْوُجُوب.
[٤٥٢] وَقَالَت الْقَدَرِيَّة: لَا يَصح علمه بتوجه الْأَمر عَلَيْهِ إِلَّا بعد الْإِقْدَام عَلَيْهِ على الِامْتِثَال، أَو بعد مُضِيّ وَقت يَسعهُ مَعَ تَركه لَهُ.
وَحَقِيقَة أصلهم فِي ذَلِك أَن الْأَمر لَا يتَضَمَّن إِيجَاب الِامْتِثَال مقترنا بِهِ بل يتَعَيَّن بآخر الِامْتِثَال عَن اتِّصَال الْأَمر وَلَو بِزَمَان.
ثمَّ من أصلهم أَن مَا تحقق حُدُوثه عَن الِامْتِثَال فَلَا يكون الْمُكَلف فِي حَال حُدُوثه مَأْمُورا بِهِ على مَا سنعقد فِي ذَلِك فصلا إِن شَاءَ الله عز وَجل.
وَإِنَّمَا يتَحَقَّق الْوُجُوب فِيمَا سيفعله فِي الثَّانِي، وَلمن يتَحَقَّق استيقانه لبَقَائه على صفة التَّكْلِيف فِي الثَّانِي، فاستحال عِنْدهم اعْتِقَاد الْوُجُوب مَعَ الْأَمر، واستحال اعْتِقَاده مَعَ حُدُوث الِامْتِثَال، واستحال استيقانه فِي الِاسْتِقْبَال مَعَ انطواء الْغَيْب عَنَّا.
فَقَالُوا لهَذِهِ الْأُصُول الَّتِي أومأنا إِلَيْهَا: لَا يَصح من الْمُكَلف أَن يعلم كَون نَفسه مَأْمُورا قطعا.
[٤٥٣] وَأما نَحن فَإنَّا نزعم أَن الْمُكَلف يعلم كَون نَفسه مَأْمُورا، ونقطع بِهِ فِي مَحل الْقطع، ويؤول توقفه فِي اسْتِدَامَة الْوُجُوب إِلَى توقع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute