وبينوه بِالسُّجُود أَمر بإحداثه فَلَو قَدرنَا النَّهْي عَنهُ لَكَانَ نهيا عَن إحداثه، وحدوث السُّجُود لَا يخْتَلف بِأَن يكون الْمَقْصُود بِهِ عبَادَة لله تَعَالَى أَو عبَادَة الصَّنَم فيستحيل أَن يكون الشَّيْء مَأْمُورا بِهِ وَهُوَ بِعَيْنِه مَنْهِيّ عَنهُ، فيؤول النَّهْي إِلَى قصد عبَادَة غير الله دون نفس السُّجُود، وَهَذَا بَاطِل فَإِن الْأمة أَجمعت على أَن السُّجُود لغير الله تَعَالَى محرم، وَلَو قَالَ قَائِل: السُّجُود مُبَاح وَالْقَصْد محرم، كَانَ خرقا للْإِجْمَاع.
[٥٠١] فَإِن قيل: فَمَا الَّذِي ترتضونه من ذَلِك؟ .
قُلْنَا: السُّجُود الَّذِي يَقع مَأْمُورا بِهِ لَا يتَصَوَّر أَن يكون مَنْهِيّا عَنهُ، فَإِن السُّجُود الْوَاقِع عبَادَة لله لَا يتَصَوَّر أَن يَقع عبَادَة لغيره بعد مَا وَقع عبَادَة لَهُ وَالسُّجُود الْمنْهِي عَنهُ لَا يكون مَأْمُورا بِهِ، فَإِن الَّذِي وَقع على قصد عبَادَة الْغَيْر لَا يَقع عبَادَة لله فهما إِذا غيران يتَعَلَّق الْأَمر بِأَحَدِهِمَا وَالنَّهْي بِالثَّانِي وَهَذَا الْمَذْهَب مُطَابق لما عَلَيْهِ الْأمة وموافق للتحقيق.
[٥٠٢] فَإِن قيل: فالسجودان مثلان، وَمن حكم المثلين أَن لَا يثبت لأَحَدهمَا وصف، إِلَّا وَيجوز ثُبُوته لمماثله.
قيل: الْأَحْكَام الآئلة إِلَى الْأَنْفس والذوات تَسَاوِي فِيهَا المماثلات،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute