عِنْده من ملكه مَا يسد بِهِ رمقه فَيجب عَلَيْهِ الْأكل، فَلَو أكل من ملك غَيره فقد أقدم على نفس الْمعْصِيَة، وَسقط عَنهُ الْفَرْض فِي وجوب الْأكل. فَإِن عَادوا فِي استبعاد سُقُوط الْوَاجِب بالمحرم عدنا لَهُم وَبينا اقتصارهم على مُجَرّد الدَّعْوَى.
[٥٣٢] فَإِن قَالُوا: فَالْأَصْل بَقَاء الْأَمر على اقْتِضَاء الِامْتِثَال وَلَا يسْقط امتثاله وجوبا من غير إقدام على الْمَأْمُور بِهِ وَمن غير دلَالَة قَائِمَة على سُقُوط الْوُجُوب عِنْد ثُبُوت مَا هُوَ محرم.
قُلْنَا: الْآن إِن نطقتم بِالْحَقِّ فَإنَّا نقُول: إِذا ورد الْأَمر مقتضيا للْإِيجَاب فَلَا يَتَقَرَّر سُقُوط الْوُجُوب من غير إقدام على الْمَأْمُور بِهِ إِلَّا بِدلَالَة تقوم دَالَّة على سُقُوط الْوُجُوب من غير إقدام، فَمَا الدَّلِيل على السُّقُوط؟
قُلْنَا: قد تبين عجزكم عَن إِقَامَة الدّلَالَة واتضح جَوَاز ذَلِك ثمَّ نوضح مَا بِهِ اعتصامنا من الدَّلِيل فِي المسئلة إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
[٥٣٣] ثمَّ اعْلَم أَن مُعظم الْفُقَهَاء حادوا عَن سنَن التَّحْقِيق فِي التَّقَصِّي عَن شبه الْقَوْم فسلك كل فريق مِنْهُم طَرِيقا، وَنحن ننبئك عَن طرقهم وَنَذْكُر وَجه الدخل فِيهَا إِن شَاءَ الله، فمما عول فِيهِ بعض الْفُقَهَاء فِي التَّقَصِّي عَمَّا قدمْنَاهُ أَن قَالَ: الصَّلَاة فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة طَاعَة مَأْمُور بهَا مفترضة لَا يُوصف بِأَنَّهَا مُحرمَة فَإِنَّمَا الْمحرم الْغَصْب، وَالْغَصْب غير الصَّلَاة، فَقيل لَهُ: فالقعود فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة على حكم التَّعَدِّي غصب وقعود