الصَّادِر إِن صدر من مُجْتَهد فَلَا يمكننا أَن نسنده إِلَى خبر، لجَوَاز أَن يكون قَالَه عَمَّا ظَنّه اجْتِهَادًا صَحِيحا، وَإِن صدر عَمَّن لَيْسَ بمجتهد وَهُوَ موثوق بِهِ فنعلم أَنه مَا قَالَه إِلَّا عَن غبر.
[٣١] وَالَّذِي يَصح عَن كَافَّة الْمُتَكَلِّمين وَأَصْحَاب الشَّافِعِي أَنا لَا نقدر فِي هَذَا الْمِثَال خَبرا مَا لم ينْقل صَرِيحًا.
وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَنه رُبمَا يقدر بِاجْتِهَادِهِ ظَانّا أَن التَّقْدِير بِالِاجْتِهَادِ جَائِزا، وَيجوز أَن لَا يكون مُجْتَهدا ويظن نَفسه مُجْتَهدا أَو يكون مُجْتَهدا [فيزل] فِي اجْتِهَاده أَو يُقَلّد صحابيا ويعتقد جَوَاز التَّقْلِيد فَإِذا تقابلت هَذِه الجائزات استمال تثبيت خبر استنباطا.
[٧٣٢] وَأما مَا عولوا عَلَيْهِ فِي صدر كَلَامهم فمبناه على منع الْقيَاس فِي الْمَقَادِير وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِك فانا نستدل إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تثببيت المقاييس فِي المقدرات فِي أَبْوَاب الْقيَاس إِن شَاءَ الله تَعَالَى على أَن نقُول وَإِن سلمنَا فِي منع الْقيَاس فوجوه الْغَلَط لَا تنحسم فِي حق من لَا يعْصم وَلَا سَبِيل إِلَى تَقْدِير الْأَخْبَار مَعَ تقَابل وُجُوه الْإِمْكَان.
[٧٣٣] فَإِن قيل: فَلَو صدر مثل هَذَا القَوْل عَن صَحَابِيّ ابْتَدَأَ ثمَّ اجمعت الْأمة على تصويبه فَمَا قَوْلكُم فِي هَذِه الصُّورَة؟ هَل تَقولُونَ: إِن إِجْمَاعهم على تصويبه دَال على تثبيت خبر.
قُلْنَا: هَذَا لَا يَنْقَسِم القَوْل فِيهِ فَإِن أَجمعُوا على تصويبه وَلم يجمعوا على منع دركه بِالْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَاد فَيثبت الحكم قطعا، وَيبقى مَا يسْتَند إِلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute