للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسوغ ادِّعَاء النّسخ ثمَّ نقُول لَهُم مَا استشهدتم بِهِ من حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ من أوضح الْأَدِلَّة على أَنه لَا نسخ فِيهِ فَإِنَّهُ غرب فِي زَمَانه فَافْتتنَ الْمغرب فَقَالَ بعد ذَلِك: لَا أغرب بعده أبدان فَلَو كَانَ سَبيله سَبِيل النّسخ لما غرب أصلا فَإِن النّسخ لَا يَتَجَدَّد بعد مَا اسْتَأْثر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

[٧٣٦] إِذا قَالَ الصَّحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ: امْر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَذَا فَهَل يَجْعَل ذَلِك كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَمرتكُم "، أَو كَقَوْلِه: " افعلوا:؟

اخْتلف أَرْبَاب الْأُصُول فِي ذَلِك فَذهب بَعضهم إِلَى أَن ذَلِك فَنزل منزلَة لفظ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا فرق بَين أَن يَقُول الرَّاوِي أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّلَاةِ، وَبَين أَن يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلوا، وَذهب بَعضهم إِلَى أَن النَّاقِل إِن كَانَ من العارفين باللغة فَيجْعَل قَوْله أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كنقله لفظ الْأَمر مِنْهُ وَإِن لم يكن عَالما باللغة فَلَا يَجْعَل كَذَلِك.

[٧٣٧] قَالَ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ: وَالصَّحِيح عندنَا] فِي ذَلِك وَأَمْثَاله أَن نقُول: إِن كَانَ الْمَعْنى الَّذِي نَقله بِحَيْثُ تعتور عَلَيْهِ الْعبارَات المحتملة ويسوغ فِي فحواها ومقتضاها الِاجْتِهَاد فَإِذا نقل على الْوَجْه الَّذِي صورناه فَلَا يَجْعَل نَقله فِي ذَلِك كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِن كَانَ ذَلِك الْمَعْنى الَّذِي رَوَاهُ بِحَيْثُ لَا تخْتَلف عَلَيْهِ الْعبارَات وَلَا يسوغ فِيهِ الِاجْتِهَاد فَهُوَ كنقل قَوْله.

<<  <  ج: ص:  >  >>