ذَلِك أَنه لَو عَم فِي النَّاس طَعَام وشراب وَكَانُوا لَا يعتادون دون تنَاول غَيرهمَا حَتَّى صَارُوا لَا يتفاهمون من الطَّعَام إلاما يعهدونه فَإِذا ورد نهى مُطلق عَن تنَاول الطَّعَام لم يخصص بِمَا يعتادون تنَاوله، وَكَذَلِكَ لَو اعتادوا ضربا من البيع مَخْصُوصًا فَإِذا ورد النَّهْي عَن البيع مُطلقًا فِي وَقت لم يتخصص بِمَا يتعودنه من البيع، بل يتَنَاوَلهُ هُوَ وَغَيره مِمَّا ينْطَلق عَلَيْهِ اسْم البيع فِي أصل الْوَضع، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن الشَّرَائِع فِي أَنفسهمَا لَا تبتني على عادات الْخلق وَاللَّفْظ الْوَارِد فِي الشَّرْع لَيْسَ يتَقَيَّد بقرائن ذَوي الغايات فَإِن عَادَتهم لَا توجب تَقْيِيد كَلَام صَاحب الشَّرْع.
[٧٤٨] فَإِن قَالَ قَائِل: أليست الدَّابَّة مَوْضُوعَة فِي أصل اللُّغَة لكل مَا دب ثمَّ لَا يفهم الْعَرَب مِنْهُ إِلَّا بَهِيمَة مَخْصُوصَة.
قُلْنَا: تعودوا إِطْلَاق هَذِه اللَّفْظَة على التّكْرَار على بَهِيمَة مَخْصُوصَة فترتب عَادَتهم، وقرائن أَحْوَالهم بإطلاقاتهم فَاقْتضى ذَلِك حملهَا على مَا يُرِيدُونَ، وَلَفظ صَاحب الشَّرِيعَة غير مقترن بقرائنهم وعاداتهم حَتَّى يعمم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute