الحَدِيث مَعَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا رَبًّا إِلَّا فِي النَّسِيئَة " فَالظَّاهِر من هَذَا اللَّفْظ يَنْفِي جِهَات رَبًّا النَّقْد وَظَاهر حَدِيث عبَادَة يثبت الرِّبَا، وَلَكِن يجوز تَقْدِير حمل اللَّفْظَيْنِ على محملين لَا يتَحَقَّق تنافيهما بِأَن يحمل حَدِيث عبَادَة على اتِّحَاد الْجِنْس، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس على اخْتِلَاف الْجِنْس، وَيجوز أَن لَا يكون كَذَلِك، وَيكون أَحدهمَا نَاسِخا، وَالثَّانِي مَنْسُوخا فَلَا يسوغ الْقطع بنسخ أَحدهمَا للْآخر تعيينا، وَكَذَلِكَ لَا يسوغ الْقطع بالتخصيص وَحمل اللفظفين على التَّبْيِين، فَإِذا تقابلت الِاحْتِمَالَات وَجب القَوْل بتعارضهما والإضراب عَنْهُمَا، والتمسك بِسَائِر أَدِلَّة الشَّرِيعَة سواهُمَا، هَذَا مَا اخْتَارَهُ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ، وَقد دلّ عَلَيْهِ فِيمَا سبق، وَمَا صَار إيه مُعظم الْعلمَاء إبِْطَال القَوْل [٨٧ / أ] بالتعارض، وَوُجُوب الْمصير إِلَى الْجمع بَين اللَّفْظَيْنِ / على وَجه يُمكن.
[٧٥٣] وَالْوَجْه الثَّالِث: من وُجُوه التَّعَارُض ان يتعارض اللفظان نصا، وَلَا نجد إِلَى حملهما على غير التَّعَارُض سَبِيلا، لكل وَاحِد مِنْهُمَا نصا فِي مُقْتَضَاهُ، فَإِذا تَعَارضا على هَذَا الْوَجْه وانسد طَرِيق التَّأْوِيل وَلم يتأرخ وَاحِد من اللَّفْظَيْنِ بتأريخ يتَوَصَّل بِهِ إِلَى نسخ الْمُتَقَدّم بالمتأخر، وَلم يثبت إِجْمَاع فِي اسْتِعْمَال أحد اللَّفْظَيْنِ، فَلَا يسوغ التَّمَسُّك بِوَاحِدَة مِنْهُمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute