[٨٢٨] فَأَما قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَة " وزعمتم أَن أبن عَبَّاس تمسك بمفهومه فَنَقُول: إِن كَانَ فِي تمسكه معتصم فَفِي إبِْطَال غَيره لاستدلاله أقوى اعتصام لنا، ونقول: قد روى صَرِيحًا أَنه قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا رَبًّا إِلَّا فِي النَّسِيئَة " وَهَذَا تَصْرِيح بِالنَّفْيِ على ان " إِنَّمَا " فِيهِ تمحيق، وَتَحْقِيق، وَنفي، وَإِثْبَات، فَلَا فرق بَين أَن يَقُول الْقَائِل: إِنَّمَا صديقي زيد، أَو يَقُول: إِنَّمَا عدوي زيد، وَنحن لم نَخْتَلِف فِي أَمْثَال هَذِه الْعبارَات.
على أَنا نقُول: لَعَلَّ ابْن عَبَّاس اسْتدلَّ على غير هَذَا الْوَجْه الَّذِي قلتموه فَقَالَ: ثَبت صِحَة البيع على الْجُمْلَة بِالْآيَاتِ الدَّالَّة عَلَيْهَا، وَثَبت بِهَذَا الْخَبَر اسْتثِْنَاء رَبًّا النَّسِيئَة، فَبَقيَ الْبَاقِي على ظواهر الاية، فَكيف يَسْتَقِيم التَّمَسُّك بِمَا هُوَ عرضة لهَذِهِ الجائزات فِي مسَائِل الْقطع.
[٨٢٩] شُبْهَة أُخْرَى لَهُم: فَإِن استدلوا بِأَن قَالُوا: إِذا قَالَ الْقَائِل لمخاطبه: اشْتَرِ لي عبدا أسود، عقل من التَّقْيِيد " بالأسود " مَنعه من ابتياع الْأَبْيَض وَمَا ذَاك إِلَّا للتَّقْيِيد بالنعت.
فَيُقَال لَهُم: هَذَا لَا معتصم فِيهِ وَذَلِكَ أَنه إِنَّمَا يتَوَصَّل إِلَى صرف العقد إِلَيْهِ بأدلة وَقد تمهد فِي قَضِيَّة الشَّرْع توقف الْعُقُود المنصرفة إِلَى الموكلين على إذْنهمْ بِالْقدرِ الَّذِي يتَعَلَّق الْإِذْن بِهِ سينسخه الْمُوكل، وَيبقى الْبَاقِي على الافتقار إِلَى الْإِذْن فَخرج من ذَلِك أَن التَّخْصِيص بالأسود لَا يتَضَمَّن نفي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute