للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا الْأُخْرَى فقد بَان لنا سُقُوط الحكم عَنَّا كَمَا تبين سُقُوط الْوُجُوب عَن الْمُكَلف إِذا اخترم قَطعنَا بتوجهه عَلَيْهِ.

[٨٦٦] شُبْهَة أُخْرَى لَهُم: فَإِن قَالُوا: لَو جَازَ تَأْخِير الْبَيَان جَازَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُؤَخر ادِّعَاء الرسَالَة.

قيل لَهُ: لَو جوز لَهُ التَّأْخِير وَأمر بِأَن يكتم مَا أرسل فِيهِ مُدَّة فَلَا يستبعد ذَلِك وَإِن أَمر بالتبليغ على الشَّرْع والمبادرة فيتتبع قَضِيَّة الْأَمر على التَّرَاخِي كَانَ أَو على الْفَوْر، فاضمحلت تمويهاتهم وَلَا تغفلن عَن نقض مَا يوردونه بالنسخ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُم عَنهُ منجى.

[٨٦٧] شُبْهَة أُخْرَى لَهُم: فَإِن قَالُوا: إِذا لم تستقل اللَّفْظَة بِنَفسِهَا فِي إِفَادَة معنى فوجودها كعدمها، وَقد أجمع ارباب الْخطاب على أَن الْعبارَة الَّتِي لَا مزية لوجودها على عدمهَا تعد لَغوا، وحسبكم بذلك فَسَادًا فَبِمَ صرتم إِلَيْهِ؟ فَإِن قصارى مذهبكم قادكم إِلَى تَجْوِيز حمل كَلَام صَاحب الشَّرِيعَة على محمل ملغى إِذا حصل عَلَيْهِ.

قيل لَهُم: إِن عنيتم بقولكم أَن وجوده كَعَدَمِهِ فِي أَنه يسْتَقلّ بِنَفسِهِ فَهَذَا كَمَا قلتموه، وَإِن عنيتم بذلك أَنه لما لم يثر معنى يسْتَقلّ بِذَاتِهِ ينزل منزلَة الْمَعْدُوم فِي كل الْمعَانِي، فَهَذَا مَا فِيهِ تنازعنا، فَلم قلتموه؟ وَمَا دليلكم عَلَيْهِ؟ ثمَّ نقُول بِمَ تنكرون على من يزْعم أَن اللَّفْظَة إِذا وَردت غير مُسْتَقلَّة بِنَفسِهَا فَيعلم المخاطبون عِنْد موردها أَن لله عَلَيْهِم حكما، ويعزمون على امْتِثَال الْخطاب إِذا تبين لَهُم، وَفِيه ابداء الطَّاعَة والإذعان، والانقياد، وَفِيه أعظم الامتحان، فَمن هَذِه الْوُجُوه لَا تنزل اللَّفْظَة منزلَة عدمهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>