[٩١١] وَمن الطّرق فِي وُقُوع الْفِعْل بَيَانا أَن يثبت ويستقر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى أمته حكم، ثمَّ يصدر مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعل يُخَالف ذَلِك الحكم وَيعلم أَنه لَيْسَ بساه ويتحقق عندنَا أَنه لَيْسَ بِمحرم، وَأما على منع الصَّغَائِر أَو بِأَن يتَحَقَّق بقرائن الْحَال ذَلِك، فَإِذا ثَبت الْفِعْل على هَذَا / الْوَجْه فيتبين لنا أَن الحكم قد نسخ فِي حَقه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَكِن لَا يتَبَيَّن نسخ الحكم فِي حَقنا بِمُجَرَّد صُدُور الْفِعْل مِنْهُ حَتَّى يتَبَيَّن لنا ذَلِك بِأحد أَمريْن، إِمَّا بالْقَوْل، وَإِمَّا أَن يصدر منا مثل مَا صدر مِنْهُ فيقررنا عَلَيْهِ، فيتبين حِينَئِذٍ النّسخ فِي حَقه وَفِي حق من قَرَّرَهُ على مثل فعله.
[٩١٢] وَمن الْوُجُوه فِي الْبَيَان أَن ترد لَفْظَة عَامَّة مُتَعَلقَة فِي مقتضاها بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبِغَيْرِهِ، ثمَّ يبدر مِنْهُ فعل كَمَا نعتناه وَظَاهر الْعُمُوم لَا يَقْتَضِيهِ فيتبين لنا تَخْصِيص الْعُمُوم وَذَلِكَ مثل قَوْله تَعَالَى:{وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} .
فَهَذَا عَام فِي كل من ينْطَلق اسْم السَّارِق عَلَيْهِ، فَإِذا رَأينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يقطع فِيمَا دون الرّبع دِينَار، مَعَ صُدُور الْفِعْل عَنهُ على غير وَجه النسْيَان، فنعلم أَن ذَلِك غير دَاخل تَحت قَضِيَّة اللَّفْظ، وَإِذا رَأَيْنَاهُ لَا يقطع فِي الثَّمر والكنز فَكَذَلِك.