مُشَاهدَة وَكَانُوا صَادِقين لم يكن فيهم مقلد وَلَا مخمن فنعلم اضطرار صدقهم، وَلَا سَبِيل إِلَى دَرك صدقهم دَلِيلا، وَقد أوضحنا وَجه الرَّد على من زعم من الكعبي وَأَتْبَاعه أَن الْعلم بِصدق الْمُتَوَاتر علم اكْتِسَاب واستدلال، فَإِذا وَجب حُصُول هَذَا الْعلم اضطرارا فَإِذا لم يضْطَر إِلَى صدقهم فنعلم أَنهم كذبة أَو فِئَة مِنْهُم كذبة فِي الْأَخْبَار عَن الْمُشَاهدَة، وَلَوْلَا ذَلِك [١١٢ / ب) لعرفنا صدقهم ضَرُورَة / فَإِن الَّذين نَعْرِف صدقهم ضَرُورَة لَا يجوز أَن تخْتَلف الْعَادة فيهم، فَإِن الْمعول فِي دَرك صدقهم على اسْتِمْرَار الْعَادة، فَلَو حرزنا اخْتِلَاف الْعَادة فِي ذَلِك لزمنا أَن نجوز أَن يخبر أهل بَغْدَاد عَن مُشَاهدَة صدقا فنعلم صدقهم تَارَة ضَرُورَة ويخبرون أُخْرَى فنتشكك فِي إخبارهم، وَهَذَا لَا سَبِيل إِلَيْهِ وَفِيه خلط الْبَاب، والخبط الْعَظِيم فِيهِ، فَخرج مِمَّا ذَكرْنَاهُ أَن أهل التَّوَاتُر إِذا لم يعرف صدقهم ضَرُورَة فَذَاك بِأَن فيهم مُقَلدًا أَو كذابا أَو مقلدين، وَكَذَلِكَ بِحَيْثُ ينقص الصادقون عَن أقل الْعدَد الْمُتَوَاتر فِي مَعْلُوم الله تَعَالَى، فَإِذا كُنَّا نصير إِلَى الَّذين لَا نَعْرِف صدقهم ضَرُورَة فنعلم أَن فيهم كذبة فَأنى يَسْتَقِيم مَعَ ذَلِك وَطَلَبه عَن صدقهم.
وَالْوَجْه الَّذِي نفى الْعلم الضَّرُورِيّ أثبت الْقطع بِالْكَذِبِ فَتَأمل ذَلِك فَإِنَّهُ مزلة الْبَاب والذاهب عَنهُ سر التَّوَاتُر.
[١٠٠٨] فَإِن قيل: فَلَو أَن أهل التَّوَاتُر أخبروا عَن مُشَاهدَة وَلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute