وَمن الْأَدِلَّة على الصدْق: إِجْمَاع الْأمة فمهما أَجمعت الْأمة على صدق مخبر فِي خَبره علمنَا صدقه وَكَانَ الْإِجْمَاع دَلِيله عَلَيْهِ.
وَمن الْأَدِلَّة على الصدْق: أَن يخبر الْمخبر بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمَّا يتَعَلَّق بِأَحْكَام الشَّرْع فيقرره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أخباره وَلَا يُبْدِي عَلَيْهِ نكيرا مَعَ دلَالَة الْحَال على انْتِفَاء السَّهْو وَالنِّسْيَان عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَمن الْأَدِلَّة على صدق الْأَخْبَار: أَن يخبر الْمخبر بَين أظهر جمَاعَة لَا يجوز عَلَيْهِم فِي مُسْتَقر الْعَادة التواطؤ على الْكَذِب من غير أَن يظْهر ذَلِك مِنْهُم، فَإِذا قَالَ الْمخبر لقد شَاهد هَؤُلَاءِ فلَانا يفعل كَذَا، أَو شاهدوه يَقُول كَذَا، فَإِذا صمت الْجَمِيع وسكتوا وَلم يبدوا عَلَيْهِ نكيرا، وَلم يظْهر مِنْهُ سَبَب تواطىء، فنعلم باستمرار الْعَادة أَن سكوتهم وَعدم ظُهُور الْأَسْبَاب الحاملة على الْكَذِب تدل على صدق الْمخبر.
[١٠١٣] فَإِن قيل: فَلَو أخبر الْجَمِيع الَّذين وصفتهم عَن أنفسهم فَمَا كَانَ قَوْلكُم فِي أخبارهم؟
قُلْنَا: لَو أخبروا بِأَنْفسِهِم عَمَّا شاهدوه وَكَانُوا عدد التَّوَاتُر وتجمعت فيهم جملَة الْأَوْصَاف الْمَشْرُوطَة فَيحصل لنا الْعلم الضَّرُورِيّ بصدقهم.
فَأَما صمتهم وتقريرهم الْمخبر عَنْهُم فَلَا يَقْتَضِي الْعلم الضَّرُورِيّ بيد أَنا نستدل على الصدْق عِنْد اسْتِمْرَار الْعَادة.
وَاعْلَم أَن ذَلِك مِمَّا لَا يسوغ تَعْلِيله، فَإِن الْعَادَات يجوز تَقْدِير انقلابها [١١٣ / ب] عقلا، فَإِذا استمرت على مَنْهَج مَعْلُوم وَلم يُعلل استمرارها / فَلَو أجْرى الله تَعَالَى الْعَادة بِحُصُول الْعلم الضَّرُورِيّ عِنْد سكوتهم وتقريرهم الْمخبر يحصل ذَلِك كَمَا يحصل عِنْد أخبارهم بِأَنْفسِهِم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute