فَيُقَال لَهُم: لَيْسَ فِي شَيْء مِمَّا ذكرتموه مَا يقْدَح فِي الأَصْل الَّذِي اصلناه، فَإِن قرَان الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإفراده فَلَيْسَ مِمَّا يظْهر للخاص وَالْعَام فَإِن الْقرَان لَا يتَمَيَّز عَن الْإِفْرَاد إِلَّا فِي حق من أحَاط علما باوفر حَظّ من الْفِقْه ثمَّ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يجب عَلَيْهِ أَن يظْهر مَا يخْتَص بِهِ بل كَانَ يظْهر مَا فِيهِ تَعْلِيم الكافة، وَالْقرَان فِي التَّحْقِيق يؤول إِلَى عِنْد ذِي نِيَّة وَكَانَ مُخْتَصًّا بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلذَلِك لم يظهره إِظْهَارًا ينْقل تواترا.
وَأما نِكَاح مَيْمُونَة فَكَذَلِك فَإِنَّهُ لَيْسَ من الْأُمُور الْعِظَام، وَلم ينْقل أَنه نَكَحَهَا على الْمَلأ، فَلَعَلَّهُ خلا بِبَعْض أَصْحَابه ونكحها على وَجه لَا يشيع.
وَأما انشتقاق الْقَمَر فَلَقَد كَانَ آيَة ليلية، وَمَا كَانَ قد فرط من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مواضعة الْكَفَرَة ومواعدتهم، بل كَانَ تكلم فِي الْمَسْجِد الْحَرَام شرذمة من الْكفَّار فاقترحوا عَلَيْهِ شقّ الْقَمَر وَلم يكن ذَلِك على مَلأ بل كَانَ ومعظم النَّاس نيام وَإِنَّمَا يدْرك مثل ذَلِك من يراقبه، فَكَأَن النَّاس كَانُوا على انقسام واكثرهم نيام، وَمن كَانَ يتَّفق لَهُ رُؤْيَة ذَلِك من غير تقدم بمعاهدة