وَأما الْكَبَائِر فَلَا شكّ أَن الْإِقْدَام عَلَيْهَا يُورث التهم، والصغائر على الانقسام، فَرب صَغِيرَة تورث ذَلِك، فَإنَّك إِذا رَأَيْت الرجل سرق بصلَة أَو باذنجانة أَو مَا أشبههما أَو يطفف الْمِكْيَال وَالْمِيزَان فِي حَبَّة فَهَذَا لَا [يقطع] أَن يكون كَبِيرَة وَرُبمَا كُنَّا بمجاري الْعَادَات نعلم أَن من أقدم على مثل ذَلِك فَيُؤَدِّي بقلة نزاهته ورقة أَمَانَته، فاضبط ذَلِك ايأس من ضبط أَوْصَاف محصورة يُقَال أَنَّهَا الْعَدَالَة الْمَشْرُوطَة وَإِنَّمَا عظم الِاجْتِهَاد فِي التَّعْدِيل وَالْجرْح لخُرُوج صفاتهما عَن الضَّبْط والحصر.
[١٠٥٥] فَإِن قَالَ قَائِل: فَهَل تشترطون مَعَ مَا ذكرتموه التوقي عَن الْمُبَاحَات القادحات فِي المروءات نَحْو الْجُلُوس على قوارع الطّرق وَالْأكل فِي الاسواق ومصاحبة الْعَوام الأرذال والإكثار من المداعبة.
فَقَالَ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ: من عُلَمَائِنَا من صَار إِلَى أَن ذَلِك يقْدَح فِي الرِّوَايَة وَالشَّهَادَة. ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي عِنْدِي فِي ذَلِك ان لَا يقطع القَوْل بذلك بل نفوض الْأَمر إِلَى اجْتِهَاد القَاضِي فَرب شخص فِي نِهَايَة التورع والتدين يبدر مثل ذَلِك مِنْهُ فَلَا يتهم وَيعلم أَن قَصده ترك الرِّيَاء وتجنب التَّكَلُّف وَرب شخص يُؤذن صُدُور ذَلِك مِنْهُ بقلة مبالاته، وَهَذَا مَا لَا سَبِيل إِلَى ضَبطه وَيخْتَلف باخْتلَاف الْأَوْقَات والاحوال والأشخاص فَلَا وَجه للْقطع فِيهِ وَلَكِن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute