فِيهِ وسبيله سَبِيل الْأَخْبَار، فَهَلا شرطتم مثل ذَلِك فِي الروايه؟
فَإِن قيل: قد افترق البابان فَإِن الْأَمر فِي الشَّهَادَة أغْلظ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ اعْتِبَار الْعدَد فِيهِ.
قُلْنَا: فَهَذَا الَّذِي ذكرتموه بِالْعَكْسِ أولى فَإِن الَّذِي لم يشْتَرط فِيهِ الْعدَد لَو لم يُبَالغ فِي تطلب الْعَدَالَة كَانَ ذَلِك نِهَايَة التَّفْرِيط، فَهَذَا بِالِاحْتِيَاطِ أولى، على أَن مَا ذَكرُوهُ يبطل بالمفتي فَإِنَّهُ يشْتَرط ظُهُور عَدَالَته واستجماعه لشرائط الْفَتْوَى مَعَ أَنه لَا يشْتَرط عدد.
[١٠٥٨] وعَلى هَذَا الْوَجْه اسْتدلَّ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ بالشهادات من طَرِيق آخر فَقَالَ: إِذا شهِدت طَائِفَة من الشُّهُود على شَهَادَة أُخْرَى فَلَا خلاف بَين الْعلمَاء أَنا نبحث عَن عَدَالَة الْأُصُول وَلَا نكتفي بِشَهَادَة هَؤُلَاءِ الْعُدُول على شَهَادَتهم وَإِن كَانَ ظَاهرا شَهَادَة الْعُدُول تنبىء عَن مَنْهَج الْعُلُوم السمعية فِي الْمسَائِل المجتهدة فَإِنَّمَا الَّذِي يُقَوي ذَلِك شَيْئَانِ اثْنَان أَحدهمَا أَن نقُول: [١٢٠ / ١] نَحن نعلم أَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانُوا يقبلُونَ إِلَّا مِمَّن ظَهرت عَدَالَته ووضحت أَمَانَته وَكَانُوا يتخيرون فِي ذَلِك ويبحثون أَشد الْبَحْث حَتَّى كَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يزِيد على ذَلِك فَيحلف بعض الروَاة.
وَهَذَا فِيهِ نظر أَيْضا، فَإِن آكِد مَا يعتصم بِهِ أَن نقُول: الْعَمَل بأخبار الْآحَاد مِمَّا لَا يسْتَدرك وُجُوبه عقلا وَقد قدمنَا فِي ذَلِك مَا فِيهِ كِفَايَة فَإِذا وضح ذَلِك تبين أَن الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد إِنَّمَا ثَبت بِدلَالَة سمعية قَاطِعَة وَقد قَامَت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute