مِنْهُ وَهَذِه نُكْتَة المسئلة فتأملها.
فَنَقُول: لسنا نسلم أَن رِوَايَته تَعْدِيل مِنْهُ، فَإِن الْعدْل قد يروي عَن الْعدْل وَقد يروي عَمَّن لم يعلم عَدَالَته وَلَا الطعْن فِيهِ، وَهَذَا مطرد فِي رِوَايَة الْأمة، حَتَّى قد يروي الإِمَام عَن شيخ فيتساءل عَنهُ فيبدي جَهله بِحَالهِ، وَلَو كَانَ الْإِمْسَاك عَن الْجرْح تعديلا كَانَ الْإِمْسَاك عَن التَّعْدِيل جرحا.
وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَن الشَّاهِد إِذا شهد على شَهَادَة غَيره فَأَطْلقهُ وَلم يمسهُ لم يكتف مِنْهُ بِإِطْلَاق حَتَّى يُسَمِّيه ويخبر عَدَالَته، وَإِن كَانَ إِطْلَاقه الشَّهَادَة على زعمكم ينبىء عَن تَعْدِيل الشَّاهِد أصل.
وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَنه لَو كَانَت رِوَايَته تعديلا لَكَانَ ترك الْعدْل الرِّوَايَة عَن بعض النَّاس جرحا مِنْهُ، وإخراجا لَهُ عَن كَونه مرضيا فِي الرِّوَايَة.
وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَيْضا أَن الْمعدل لَو سُئِلَ عَن الرَّاوِي فَسكت عَنهُ فَلَا يَجْعَل سُكُوته جرحا وَلَا تعديلا، فَبَطل مَا قَالُوهُ من كل وَجه، على أَنا نقُول أَكثر مأمولكم أَن تقدروا رِوَايَة الْعدْل تعديلا، وَلَو أَنه أرسل وَصرح بتعديل شَيْخه مُطلقًا من غير تَسْمِيَة إِيَّاه، فَلَا يقبل أَيْضا فَإِنَّهُ لم يسمه، فقد يعرفهُ عدلا وَلَو ذكره لعرفه غَيره بجرحه، فَبَطل مَا عولوا عَلَيْهِ من كل وَجه.
[١١٤٠] فَإِن قَالُوا: قد استشهدتم فِي أثْنَاء كلامكم بِالشَّهَادَةِ، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute