تقطعون بكذبه فَإِن جوزتم صدقه فَلَيْسَ الْمَطْلُوب الْعلم وَإِنَّمَا الْمَطْلُوب الْعَمَل فَمَا الَّذِي يمْنَع من قبُول خَبره مَعَ كَونه موثوقا بِهِ.
[١١٥٦] فَإِن قَالُوا لِأَن مَا تعم بِهِ الْبلوى يكثر السُّؤَال عَنهُ لعُمُوم الْحَاجة فِيهِ، ثمَّ كَثْرَة السُّؤَال يُفْضِي إِلَى كَثْرَة النَّقْل.
قُلْنَا: فافطعوا على مُوجب ذَلِك بكذبه كَمَا يقطع بكذب من انْفَرد بِنَقْل موت الْخَلِيفَة والحريق الْعَام لأقليم من الأقاليم وَنَحْوهَا مِمَّا يشيع ويذيع، فَلَمَّا لم تقطعوا بكذبه بَطل مَا قلتموه، وَالَّذِي يُوضح الْحق فِي ذَلِك ان نقُول: لَو يَصح مَا قلتموه لوَجَبَ أَن يثبت كل مَا تعم بِهِ الْبلوى شَائِعا حَتَّى لَا يبْقى حكم فِي حَادِثَة تعم بِهِ الْبلوى إِلَّا وَقد نقل عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تواترا كَمَا نقل فِي مُسْتَقر كل أَمر يتَكَرَّر على النَّاس فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة مرَارًا، فَلَمَّا ثَبت مُعظم الْأَحْكَام فِي المجتهدات فِيمَا تعم بِهِ الْبلوى وَفِيمَا لَا تعم، صَحَّ بذلك بطلَان مَا قلتموه.
[١١٥٧] وَالَّذِي يُحَقّق ذَلِك أَنكُمْ [قبلتم] الأقيسة فِيهَا وَإِن لم تقبلُوا فِيهَا الْأَخْبَار، فَلَو كَانَ الْمطلب فِيهِ قطع كَمَا رمتموه لما قبل فِيهِ قِيَاس الشّبَه، فَإِن الْقيَاس السمعي لَيْسَ مِمَّا يسْتَدرك عقلا وَلَكِن مستنبطه يثبت عِنْده بِغَلَبَة
الظَّن أَن الَّذِي استنبطه قِيَاسا مِمَّا نَصبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحكم تَصْرِيحًا وتنبيها، فَإِذا جَازَ أَن تقبل مَا فِيهِ توقع النَّقْل فَلَنْ يجوز ذَلِك فِيمَا نَقله الثِّقَات أولى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute