وَبَيَان ذَلِك أَنهم لما سموا من يصدر مِنْهُ الضَّرْب منا ضَارِبًا فيطلق اسْم الضَّارِب على من يصدر مِنْهُ الضَّرْب من الضاربين. وَإِذا نقل عَنْهُم واسئل الْقرْيَة والرباع والأطلال على إِرَادَة أَهلهَا فَلَا يعدى ذَلِك عَن مورده حَتَّى نقُول واسأل الدَّوَابّ. ونعني أَهلهَا. وَهَذَا سديد، وَلَكِن لَو رد إِلَى التَّحْقِيق لم يقتض كَبِير معنى فَإِن الأَصْل أننا فِي الْحَقَائِق نتبع أصل الْوَضع، وَفِي الْمجَاز نتبع اسْتِعْمَال أهل اللُّغَة.
وَإِنَّمَا نسمي كل من يصدر مِنْهُ الضَّرْب ضَارِبًا متبعين لَا قائسين وَلَا معتبرين فَإِن الصَّحِيح عندنَا منع الْقيَاس فِي اللُّغَات وَلَكِن ثَبت بِأَصْل [١٢ / أ] الْوَضع نصا أَنهم مَا / خصصوا الضَّارِب بِجِنْس بل سموا كل من يصدر مِنْهُ الضَّرْب ضَارِبًا. وَلَو ثَبت عندنَا استعمالهم نصا أَن كل مَا ينتسب إِلَى أهل وَمَال يعبر عَن صَاحبه مجَازًا لأطلقنا ذَلِك عُمُوما كَمَا أطلقناه فِي الضَّارِب وَنَحْوه من حقائق اللُّغَات. فَدلَّ أَن محصول الْكَلَام منع الْقيَاس فِي اللُّغَات وَيتبع الْوَضع فِي الْحَقَائِق والاستعمال فِي الْمجَاز من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان.
[١١٩] ثمَّ ذكر القَاضِي رَضِي الله عَنهُ طرقا تنفصل بهَا الْحَقَائِق عَن الْمجَاز، بَعْضهَا اتِّفَاق فِي بعض الْمَوَاضِع غير مطرد فِي الْبَابَيْنِ عُمُوما.
فَأول مَا ذكره فِي الْفَصْل بَينهمَا مَا فَرغْنَا مِنْهُ آنِفا فِي أَن الْحَقِيقَة تعدِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute