مَا يَشَاء وَيحكم مَا يُرِيد، حَتَّى نقُول على طرد ذَلِك لَو رفع التَّكْلِيف عَن كَافَّة الْبَريَّة، حَتَّى لَا يبْقى فيهم مامور وَلَا مَنْهِيّ فِي حكم من الْأَحْكَام، جَازَ ذَلِك عقلا، وَمَا من مَحْظُور إِلَّا وَيجوز تَقْدِير إِبَاحَته وَمَا من مُبَاح إِلَّا وَيجوز تَقْدِير حظره، وَكَذَلِكَ القَوْل فِي الْوَاجِبَات والمندوبات إِلَّا مَا يُؤَدِّي تَقْدِير تبديله إِلَى تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق، وَذَلِكَ مثل أَن نقدر وُرُود الْأَمر بِالْجَهْلِ بِهِ، وَنحن نعلم أَنه لَا يتَحَقَّق التَّكْلِيف إِلَّا مَعَ الْعلم بالمكلف، فَمن ضَرُورَة أمره أيانا بِالْجَهْلِ أَن نَكُون عَالمين بِهِ، فَكَأَنَّهُ أمرنَا بِأَن نعلمهُ، وَلَا نعلمهُ، وَهَذَا من المستحيلات.
[١١٩٨] فَأَما الْقَدَرِيَّة فَإِنَّهَا قسمت الْأَحْكَام تقسيما بعد أَن اتّفقت على [أَن] ارْتِفَاع التَّكْلِيف لَا يجوز، وَاتَّفَقُوا على منع ارْتِفَاع التَّكْلِيف على أَنه يجب على الله تَعَالَى وجوب حكمته أَن يستصلح عباده، وَلم يَخْتَلِفُوا فِي وجوب طلب الصّلاح وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي الْإِصْلَاح، ثمَّ قَالُوا الْأَحْكَام منقسمة فَمِنْهَا مَا يدْرك وُجُوبه وَحسنه عقلا، وَيدْرك خطره وقبحه عقلا، فَمَا كَانَ هَذَا سَبيله، فَلَا يجوز تَقْدِير النّسخ فِيهِ، حَتَّى قَالُوا الْكفْر وَترك الشُّكْر لما كَانَ مَحْظُورًا عقلا لَا يجوز وُرُود الشَّرْع بإباحته / وَكَذَلِكَ الظُّلم والابتلاء [١٣٢ / ب] والاستعلاء على وَجه الاعتداء وَكَذَلِكَ [الزِّنَا] وَنَحْوه من الْفَوَاحِش.
فَأَما مَا لَا يسْتَدرك فِيهِ الْقبْح وَالْحسن على التَّعْيِين نَحْو الصَّلَوَات وأمثالها من الْعِبَادَات فَيجوز تَقْدِير النّسخ فِيهَا.
[١١٩٩] وَمن الْفُصُول الَّتِي يجب أَن تحيط علما بهَا مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute