للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُعْتَبر فِيهَا بالمصالح، وَهَذَا مَا لَا مطمع فِي تَقْرِيره هَهُنَا، وَإِن زَعَمُوا أَن النّسخ يَسْتَحِيل لإفضائه إِلَى البداء قسمنا عَلَيْهِم القَوْل فِي البداء كَمَا قدمْنَاهُ فِي الْفرق بَين النّسخ والبداء، وَإِن قَالُوا: فِي تَجْوِيز النّسخ قلب الْأَجْنَاس، فقد أوضحنا بطلَان ذَلِك بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة فَلَا يبْقى بعد ذَلِك إِلَّا القَوْل بِالْجَوَازِ.

[١٢١٩] وَإِن قَالُوا إِن النّسخ جَائِز عقلا مُمْتَنع سمعا وذهبوا فِي ذَلِك إِلَى إِخْبَار مُوسَى بني إِسْرَائِيل بتأبيد شَرِيعَته، فَهَذَا كذب صراح مِنْهُم، وَأول مَا يقابلون بِهِ أَن يدعى عَلَيْهِم مثل ذَلِك فِي تأبد شَرِيعَة من قبل مُوسَى، ثمَّ نقُول لَو صَحَّ مَا قلتموه لَكَانَ صدقا قطعا حَقًا لوُجُوب عصمَة الْأَنْبِيَاء عَن الْخلف، ثمَّ يمْنَع ظُهُور المعجزات على يَدي من يَدعِي نسخ شَرِيعَة مُوسَى، وَقد وضحت معجزات نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالطرق الَّتِي وضحت معجزات مُوسَى صلوَات الله عَلَيْهِ، فَلَو كَانَ مَا قلتموه صَحِيحا لما ثبتَتْ المعجزات مصدقة لمن يَدعِي خِلَافه، أَو نقُول هَذَا شَيْء أحدثه فِيكُم بعض الجهلة وَقد قيل إِن أول من لقنهم ذَلِك ابْن الراوندي لَعنه الله، {ويأبى الله إِلَّا أَن يتم نوره وَلَو كره الْكَافِرُونَ} فَنَقُول لَو كَانَ مَا ذكرتموه صَحِيحا لَكَانَ أولى الاعصار والأوقات بِإِظْهَار ذَلِك فِي عصر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد كَانَت الْيَهُود بوقته يحاجونه ويجادلونه، وَمَا قَالَ قَائِل مِنْهُم مَا قلتموه وَلَو كَانَ صَحِيحا لَكَانَ أولى مقالاتهم ذَلِك بل كَانُوا يُنكرُونَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويزعمون أَنه

<<  <  ج: ص:  >  >>