مَعْلُوم الله تَعَالَى فَدفع هَذَا السُّؤَال سهل المرام عِنْده، فيطرد التَّبْيِين فِي الْأَخْبَار، كَمَا يطرده فِي الْأَحْكَام، فَلَا يتَصَوَّر عِنْده إِذا أَن ينْسَخ نصا لَا يحْتَمل التَّأْوِيل، فَإِنَّهُ إِذا نزل النّسخ منزلَة الْبَيَان كالتخصيص لم يَجْعَل الْمَنْسُوخ نصا مقتضيا استغراق مُسْتَقْبل الزَّمَان، بِحَيْثُ يقبل التَّأْوِيل، وَهَذَا على الْحَقِيقَة إِنْكَار للنسخ، وَذَلِكَ أَن الَّذِي ثَبت بالناسخ مُنْفَصِل عَن الْمَنْسُوخ فِي مُقْتَضَاهُ، وَلَا يتَعَرَّض لَهُ بِوَجْه، وَلَو جَازَ تَسْمِيَة ذَلِك نسخا مَعَ أَن كل وَاحِد حكم على الِابْتِدَاء وَلَا يتَضَمَّن أَحدهمَا رفع الثَّانِي وَالَّذِي يُحَقّق ذَلِك لَو قدر التَّصْرِيح أَولا لما تصور بِهِ تَحْقِيق نسخ على هَذِه الْقَاعِدَة، فَإِذا تبين بِهِ المُرَاد آخرا، بعد أَن كَانَ مكتتما مستترا عَنَّا، فَلَا يَقْتَضِي ذَلِك قلبه عَن حَقِيقَته، وَإِنَّمَا يتَبَيَّن إِجْزَاء من مُقْتَضى الْخطاب يخلفه بِمَا لَو تبين أَولا، وَهَذَا أحد من الْجَهَالَة لَا يُنكره ذوتحقيق.
[١٢٢٧] فَإِن قيل: فَمَا وَجه دفعكم لسؤال الْقَوْم؟
قُلْنَا: فِي وجوب كَون الْكَلَام الْقَدِيم خَبرا عَن كل مخبر كَلَام يطول ويغمض الْخَوْض فِيهِ، على أَنا نؤثر مَا قَالُوهُ، ونختاره، وَالسُّؤَال مَعَه مَدْفُوع، وَالْحَمْد لله، وَذَلِكَ أَنا نقُول: إِذا أخبر الرب سُبْحَانَهُ عَن وجوب وَاجِب، ومعاقبة على تَركه، فَيكون خَبره مَشْرُوطًا بَان لَا ننسخ، فَكَأَن الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُول: الْعِبَادَة الموصوفة وَاجِبَة عَلَيْكُم وَأَنْتُم معاقبون على تَركهَا إِلَّا ان أنسخها عَنْكُم فَلَا يُؤَدِّي إِذا قدر النّسخ إِلَى خلاف فِي الْخَبَرَيْنِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute