[١٢٣٦] فَإِن قَالَ من منع نسخ الحكم مَعَ بَقَاء التِّلَاوَة: الاية وَردت دَالَّة على الحكم وَمن المستحيل أَن تبقى الدّلَالَة ويرتفع مدلولها. وَهَذَا لَا تَحْقِيق لَهُ، وَذَلِكَ أَن الْآيَة إِنَّمَا نصبت دلَالَة بِشَرْط أَن لَا ينْسَخ حكمهَا فإذانسخ حكمهَا فقد خرجت عَن أَن تكون دلَالَة فَإِنَّهَا مادلت على الحكم دلَالَة العقليات على مدلولها.
[١٢٣٧] فَإِن قَالَ من أحَال نسخ التِّلَاوَة مَعَ بَقَاء الحكم: إِذا ثَبت الحكم بمورد الْآيَة فَيَنْبَغِي أَن لَا يَنْتَفِي بِوُقُوع تلاوتها، كَمَا أَن الحكم إِذا علق بعلة ثَبت بثبوتها وانتفى بنفيها، فَيُقَال: هَذَا سَاقِط من وَجْهَيْن أَحدهمَا: إِن وجوب تِلَاوَة الْآيَة لم يكن دَلِيلا على ثُبُوت الحكم وَإِنَّمَا الدَّلِيل على ثُبُوته مَضْمُون الْآيَة وَوُجُوب تلاوتها حكم يغاير مَضْمُون الْآيَة، على أَنا نقُول: لَا يبعد أَن يثبت حكم عَقْلِي وتدل عَلَيْهِ دلَالَة عقلية ثمَّ ترْتَفع الْأَدِلَّة وَلَا يرْتَفع مدلولها. فَإِذا جَازَ فِي الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة تَقْدِير الِارْتفَاع مَعَ وجود ثُبُوت الْمَدْلُول، فَلِأَن يجوز ذَلِك مَعَ الْأَدِلَّة السمعية أولى.
وَبَيَان ذَلِك أَن الْعَالم دَال على صانعه، فَلَو قَدرنَا عدمهَا لم تقتض ذَلِك انْتِفَاء مدلولها.
[١٢٣٨] ثمَّ نقُول لِلْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا: قد اشْتَمَل الْقُرْآن، على مَا يُخَالف