سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غير عَالم بِمَا سينسخ مَا أوجبه فَأَما إِذا أوجب وَصفه بِكَوْنِهِ عَالما بِمَا سَيكون فَلَا يلْزم من قبيل الْعلم البداء وَلَا يلْزم أَيْضا من قبيل الْإِرَادَة، لما أوضحنا أَولا من عدم تعلق الشَّرَائِع بالإرادة، وَلما قَرَّرْنَاهُ فِي الديانَات من جَوَاز الْأَمر بِمَا لَيْسَ بِمُرَاد لله وَجَوَاز تعلق النَّهْي بِمَا هُوَ مُرَاد لله، فقد بَطل ادِّعَاء البداء من كل وَجه.
[١٢٥٥] فَإِن قَالُوا: إِذا أوجب الله سُبْحَانَهُ شَيْئا مَعَ علمه بِأَنَّهُ سينهي عَن عين مَا أوجبه قبل إِمْكَان فعله، فَهَذَا مِمَّا لَا يتَصَوَّر فِي الْمَعْقُول، وَكَأَنَّهُ أوجب عين مَا علم إِنَّه لَا يجب.
قُلْنَا: هَذَا الَّذِي ذكرتموه يبطل من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنا نقُول: إِذا أوجب الله شَيْئا فقد ثَبت وُجُوبه فَإِذا رفع وُجُوبه بالنسخ فقد ارْتَفع وُجُوبه، وَثَبت أَنه أوجب وَاجِبا ثمَّ رفع وُجُوبه، وَهَذَا مَا لَا اسْتِحَالَة فِيهِ بِوَجْه، ثمَّ نقُول النّسخ حَيْثُ سننق وَعَلِيهِ هَكَذَا يَقع أَن يُحَقّق فَإِنَّهُ رفع للْحكم بعد ثُبُوته فيتقرر فِيمَا ذكرتموه.
[١٢٥٦] فَإِن قَالُوا لَا يتَحَقَّق بالنسخ رفع ثَابت وَلَكِن يتَبَيَّن بِهِ انْقِطَاع مُدَّة الْوُجُوب فقد قدمنَا عَلَيْهِم فِي ذَلِك أوضح الرَّد وَبينا أَن هَذَا إِنْكَار مِنْهُم لأصل النّسخ وَفصل النّسخ عَن الْمَنْسُوخ وَقطع لأَحَدهمَا عَن الثَّانِي.
[١٢٥٧] فان قَالُوا: لَو كَانَ فِي إِيجَابه مصلحَة فَلَا يجوز رفع الْمصلحَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute